خطوات للمفاوض الفلسطيني

بقلم: 

نقترح على المفاوض الفلسطيني القيام بثلاث خطوات، بما يخدم المصلحة العليا، ويضع السكة على خطوط الحل الوطني الفلسطيني.

1 - التحرر من الالتزام بعدم اللجوء إلى الأمم المتحدة بديلاً من العملية التفاوضية تحت الرعاية الفردية لواشنطن. فبعد الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العمومية، باتت أبواب الوكالات الدولية مشرّعة أمام الفلسطيني. وبما يوفر له ميزان قوى جديداً، يستعيد عبره، العديد من عناصر القوة المفقودة والمهدورة.
الذهاب إلى الأمم المتحدة من شأنه أن يضع الأمور في نصابها، وأن ينقل القضية من نزاع على الأرض، إلى قضية تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال. ما يعيد إسرائيل إلى موقعها الحقيقي، باعتبارها احتلالاً كولونيالياً، يقوم على مبدأ التطهير العرقي، وسلب الأرض، ينتهك القوانين والمواثيق الدولية ومبدأ عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة.
من يتابع سياسة المقاطعة الأوروبية لمنتوجات المستوطنات الإسرائيلية، وسياسة المقاطعات الأكاديمية الأوروبية والأميركية للأكاديميات الإسرائيلية، يدرك حقيقة الرعب الذي يصيب الدوائر الإسرائيلية خوفاّ من اتساع هذه الحملات. بإمكان الجانب الفلسطيني أن يطرق، باب مقاطعة إسرائيل، وعزلها، باعتبارها دولة احتلال، وبإمكانه أن يطرق، باب نزع الشرعية عن الاحتلال، كانتهاك لقرارات الأمم المتحدة (181 و 194) وخاصة تلك التي نزعت الشرعية عن الاستيطان في القدس وفي أنحاء الضفة الفلسطينية.
2 - 
وقف "التنسيق الأمني" مع الجانب الإسرائيلي. و هو شكل من أشكال التعاون بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية بما يصبّ في المصلحة الإسرائيلية. وليس خافياً أنه يحدّ من تطورات الحركة الشعبية ومقاومتها "السلمية" للاحتلال. وآليات التنسيق هذه أعفت الإسرائيلي من كثير من مهماتها القمعية وأحالتها إلى الجانب الفلسطيني، بحيث تحول الوجود الإسرائيلي إلى "احتلال خمس نجوم". يقبض على الأرض، والشعب، وينهب الخيرات والموارد الطبيعية والاقتصادية. والهدف من وقف التنسيق، هو إعادة النظر في دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لتصبح في خدمة الحركة الجماهيرية والسياسية في الضفة، في نضالها، ضد الوجود الإسرائيلي.
3 - 
وقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي، أي وقف العمل الفلسطيني في المشاريع الإسرائيلية، وقف التعامل مع السوق الإسرائيلية ووقف سياسة الدمج الجمركي والاتجاه نحو بناء الاقتصاد الوطني الفلسطيني. والاحصاءات الفلسطينية تقول إن الفلسطينيين استوردوا من إسرائيل ما قيمته 3,8 مليارات دولار خلال العام الفائت. بإمكان الفلسطينيين أن يصيبوا الاقتصاد الإسرائيلي مقتلاً إن هم قرروا مقاطعة إسرائيل اقتصادياً. صحيح أن الاقتصاد الفلسطيني الهشّ يعتمد في 79% منه تقريباً على الاستيراد من إسرائيل، لكن الصحيح أيضاً أن هذا، يمكن أن يتحول نقطة قوّة، إن قرر الفلسطينيون التحرّر من التبعية، وكسر الاحتكار الإسرائيلي للأسواق الفلسطينية.
في ظل معركة ديبلوماسية واسعة النطاق، في الأمم المتحدة ومؤسساتها، ووقف التنسيق الأمني وتوفير الحماية للحركة الشعبية والسياسية، وفكّ الارتباط الجمركي والاقتصادي مع إسرائيل، يكون الفلسطينيون قد انتقلوا من اعتماد سياسية الخيار الوحيد (المفاوضات الثنائية مع إسرائيل، تحت الرعاية المنفردة للجانب الأميركي)، نحو تبني إستراتيجية كفاحية، متعددة الخيار والاتجاه، والأسلحة ووسائل الضغط والتأثير، تشترك فيها السلطة ومؤسساتها والحركة الشعبية، فيستعيد الشارع الفلسطيني ثقته بالقرار السياسي الفلسطيني الرسمي.

 

 

 

المصدر: 
النهار