أوباما يتحدث عن الخطر الإيراني ولا عزاء لفلسطين

بقلم: 

 

في خطابه عن حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأميركي مؤخرا، لم يأت ذكر فلسطين ولا القضية الفلسطينية مرة واحدة. كما أن باراك أوباما الذي قرر زيارة إسرائيل والضفة الغربية والأردن في الشهر المقبل، لا ينوي زيارة أي من العواصم العربية الكبرى أو الحديث عن القضية الفلسطينية التي لطالما اعتبرها العرب قضيتهم المحورية. وبدلا من ذلك تحدث الرئيس الأميركي عن الخطر النووي الإيراني وطالب زعماء طهران بقبول الحل الدبلوماسي الآن، وإلا فهناك ائتلاف يقف متحدا لمنعهم من الحصول على السلاح النووي.

 

يختلف موقف أوباما الآن مع بداية ولايته الثانية عما كان قبل أربع سنوات، عندما وصل إلى البيت الأبيض للمرة الأولى. ففي الرابع من مايو (أيار) 2009 جاء أوباما ليتحدث إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، ووعد بأن تكون القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماته. وتنفيذا لوعده، أعلن الرئيس الأميركي في 19 مايو 2010 عن ضرورة حل القضية الفلسطينية ودعا الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) للعودة إلى التفاوض على أساس قيام دولة فلسطينية على حدود 1967. وتلبية لهذه الدعوة، بدأت المفاوضات بين محمود عباس ونتنياهو برعاية أميركية في 2 سبتمبر (أيلول) من نفس العام. إلا أن الفلسطينيين لم يستمروا طويلا في المفاوضات، وقرروا الانسحاب منها بعد شهر واحد بسبب المستوطنات. وأعلن محمود عباس أنه لن يعود للتفاوض إلا إذا توقفت إسرائيل عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

 

ورغم أن الرئيس محمود عباس التزم في قراره هذا بالثوابت الفلسطينية، فإنه في ذات الوقت أغلق باب الأمل الأخير لإقامة دولة لشعب فلسطين على أرضه، بعد نحو 62 عاما من قيام دولة إسرائيل. وفي 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2010 قال ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن «استئناف المفاوضات يتطلب خطوات ملموسة تثبت جديتها، وفي مقدمتها وقف الاستيطان من دون قيود». وهكذا نجح نتنياهو في الحصول على تصريح على بياض من القيادة الفلسطينية لبناء ما يشاء من المستوطنات، طالما ظلت هي بعيدة عن المفاوضات.

 

كان واضحا منذ البداية أن نتنياهو لا يرغب في التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية قبل أن يتمكن من تنفيذ خطته الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. كان في استطاعة عباس إحراج نتنياهو والاستمرار في المفاوضات رغم الاستمرار في بناء المستوطنات، حتى يتمكن الفلسطينيون من إقامة دولتهم عندها يتم الوصول إلى اتفاق شامل ورسم الحدود لكل من الدولتين، والتعامل مع المستوطنات.

 

وعندما تم اتفاق أوسلو بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية في 1993، تقرر انسحاب قوات الاحتلال من غزة في سبتمبر 2005 ليصبح القطاع خاضعا للسلطة إلى جانب الضفة الغربية المحتلة. لكن حكومة حماس برئاسة إسماعيل هنية قامت في يونيو (حزيران) 2007 بفرض سيطرتها على قطاع غزة.

 

فشلت كل المحاولات في تجميع الكيان الفلسطيني تحت سلطة سياسية واحدة، تستطيع التفاوض باسم كل الفلسطينيين. وكان آخر هذه المحاولات هو الاجتماع الذي تم في القاهرة برعاية مصرية عقب انتهاء القمة الإسلامية الأخيرة. التقى محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية مع خالد مشعل رئيس الكتب السياسي لحماس للتوقيع على المصالحة التي سبق الاتفاق عليها في الدوحة والقاهرة، لكن الاجتماع انفض دون توقيع المصالحة. وقبل أسابيع قليلة من زيارة الرئيس الأميركي لرام الله في مارس (آذار) المقبل، لا تزال فتح وحماس عاجزتين عن التوصل إلى موقف فلسطيني موحد. فهل يغامر باراك أوباما بمحاولة حل القضية التي لا تزال أطرافها غير متفقة وأهدافها غير معروفة، بينما هناك اتفاق بين جميع الأطراف على أن السلاح النووي الإيراني هو الخطر الرئيسي الآن في الشرق الأوسط؟

المصدر: 
الشرق الأوسط