البحث عن نقطة رجوع إلى السطر الوطني

بقلم: 

يكفل الحفاظ على المبادئ والثوابت الوطنية استمرارية الحياة لفلسطين شعباً وأرضاً، فالقيم والمبادئ الوطنية هذه تعد فلسطينياً بمثابة السلسة الغذائية التي وُجدت لخلق توازناً في البيئة وإذا اعتراها خلل ما فإنه سيستحيل استمرار الحياة.

تعيش فلسطين اليوم جواً من القيم المعقدة المختلطة، لدرجة أننا لم نعد نتمكن من رؤية آثار أقدامنا، فأقدامنا تسير يميناً ويساراً تارة و تسير إلى الأمام والخلف تارة أخرى. وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال، وما استمرت الكلاب تنهش لحم الأسود، والأفاعي تصطاد الصقور فإن البيئة الوطنية الفلسطينية ستفقد توازنها وسيستحيل استمرار أي شكل من أشكال الحياة الوطنية.
يقوم كل كائن حي في السلسلة الغذائية بدور يختلف عن أدوار الكائنات الحية الأخرى، ويؤدى اختفاء أحد هذه الأنواع من الكائنات الحية إلى الإضرار بالسلسلة الغذائية كاملة، فحتى البعوض إن اختفى سيؤثر سلباً ، فهو يعد طعاماً للأسماك والضفادع وبعض الطيور واختفاؤها قد يضر ببقية هذه الكائنات. فمتى تعود الكلاب إلى موقعها الطبيعي، ومتى ترجع الأفاعي إلى جحورها، ومتى يزأر الأسود وتحلق الصقور؟.
متى تعود فلسطين حية ويعود التوازن للحالة الوطنية الفلسطينية التي طالت ثمالتها ؟
يخطب النظام السياسي فينا كل يوم ليحدثنا ويبهرنا بالمشروع الوطني الذي يحميه ويعمل من أجله، وأكثر ما يجذبني في الخطاب جملة " إننا نسير بخطى ثابتة".!!
يا حسرة على نظامنا السياسي المشغول باقتسام غنائم المحاصصة والمتفرغ تماماً لمناكفات عقيمة جعلتنا نسير بخطى ثابتة إلى الوراء، وفي المقابل ها هو نتنياهو الصهيوني يتجول في خارطة وطننا ويسير بخطى ثابتة نحو تغيير معالمها واقتلاعها من فلسطينيتها شيئاً فشيئاً.
لا تقولوا لنا "إننا نسير بخطى ثابتة" فالكل يسير بخطى ثابتة، بعضهم إلى الأمام والبعض الآخر إلى الخلف . لم يعد لدينا سوى أجزاء مبعثرة من بلاد ممزقة، فتوقفوا واستريحوا يا أهل النظام أهون علينا من السير إلى الوراء.

يقول القائد الفتحاوي الراحل أبو علي شاهين " إذا قدر لحركة الشبيبة أن تنمو وتترعرع فهي أقصر الطرق لدحر الاحتلال "، فكيف لو قدر للشباب الفلسطيني كله أن ينمو ويترعرع؟!
إذا ما أردنا أن نبحث عن مخارج للأزمة الوطنية الفلسطينية، فعلينا أن نبحث عن شباب فلسطين فهم المخرج وصمام الأمان للحالة الوطنية الفلسطينية.
شاخت الأسود وتركت فراغاً قاتلاً في الساحة الوطنية، فراغاً لا يمكن أن يملأه سوى شباب أحرار وطنيين لم تلوثهم لا سلطة ولا حزب ولا أفكار مادية ضيقة.
لن نعيش إلا مرة واحدة فقط، فيا أيها الشاب الفلسطيني أخرج الفدائي الذي بداخلك. أخرج العرفاتي والشقاقي والياسيني والحبشي والكنفاني. أخرجهم من داخلك، وكن أنت الفلسطيني المُنتظر.
تأكدوا أن لا قيامة ستقوم لنا، إلا حينما نجدد العهد والبيعة لتاريخنا وذاكرتنا وثورتنا التي تركت بصماتها على خارطة أحداث التاريخ، وإلا فلنستعد لمواجهة نتائج وخيمة تتمثل في توقف النمو، ازدياد الأمراض الاجتماعية وانهيار الحلم الفلسطيني.
لن يقوى شعبنا على مواصلة معركته التحررية إلا بالقضاء على كل منابر التحريض التي تمزق الوحدة الوطنية، فإنهاء الانقسام هو أساس المشروع الوطني الواحد الموحد المعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني ومصالحه في كل أماكن تواجدهم.
سينتهي الدرس أيها الأنذال العابثين في فلسطيننا .. سينتهي الدرس وستموت فرضياتكم وتعاليمكم القذرة ..
عاش النهج الوطني ولتسقط أوهام الخونة، وسيبقى شعار "النضال ديننا والحرية لغتنا وفلسطين وطننا " الشعار الذي يعكس التوجه الكلي الفلسطيني شاء من شاء وأبى من أبى.
ختاماً يا حبيبتي فلسطين لا يسعني سوى أن أقول لك مقتبساً من شعر الحلاج "وإن تَمنَّيْتُ شيئاً فأنتِ كلُّ التَّمَني".

فادي قدري أبو بكر
fadiabubaker@hotmail.com