الأردن هو فلسطين

الملك عبد الله

الحقيقة التي لا ينبغي أن نسكت عنها حتى لو أغضبت الملك هي أن أرض الفلسطينيين معه

الياكيم هعتسني

الملك الاردني ينفلت مرة اخرى علينا، يعزو لنا «استفزازات اخرى» في الحرم، ويهدد بالمس بالعلاقات بين الدولتين. اما إسرائيل، على عادتها، فتسكت. لماذا؟ إلى هذا السؤال تنضم أسئلة اشد قسوة، مثل لماذا سلمت إسرائيل بالذات للاردن السيطرة الفعلية على الحرم ـ فهو الذي يعين الاوقاف، هو المقرر الاخير في كل اصلاح للسور، الفيتو له يفشل بناء جسر آمن ومحترم إلى باب المغاربة؟

لماذا نال ذلك؟ هل لانه اجتاح غرب الاردن، قصف باجرام القدس، دمر حارة اليهود وخمسين كنيسا، دنس الشواهد على جبل الزيتون، منع كل سنوات حكمه وصول اليهود إلى اماكنهم المقدسة، بما فيها المبكى، رغم تعهده في اتفاق الهدنة في العام 1949؟ ولعله يستحق جائزة على جعل القدس (العربية) بلدة مهملة، رائحة دائمة من المجاري تعمها، او على ارتباطه بصدام حسين عندما اطلق الصواريخ علينا؟
ولماذا، رغم كميات المياه التي يتلقاها الاردن منا من بحيرة طبريا كـ «بادرة طيبة» رغم المشاريع التي اقمناها عنده والتنازلات الاقليمية التي قدمناها في صالحه في اتفاق السلام، فان التنديدات من جانبه لا تتوقف ـ ونحن نسكت؟
ويتأكد السؤال في ضوء مؤامرة الصمت الإسرائيلية بشأن الفصل الاردن في تاريخها، والذي هو حيوي لها في حرب الاراء على شرعية وجودها. يسألوننا: حتى لو أثبتم بان الشعب الفلسطيني لم يتبلور إلا كرد على التحدي الصهيوني، فماذا يغير هذا من حقيقة أن الفلسطينيين اليوم بقوا شعبا بلا دولة؟ هذا هو السؤال الاصعب، بصفته يتعلق باحساس العدالة الكامن في كل انسان، ولدينا عليه جواب مظفر لا نقدمه إلا كي لا نفسد علاقاتنا مع الاردن.
في 1922، بعد بضعة اشهر من اقرار الانتداب، الذي ألزم بريطانيا باقامة «وطن قومي للشعب اليهودي» في بلاد إسرائيل، من شواطيء البحر المتوسط حتى حدود العراق، حقق البريطانيون من عصبة الأمم اخراج «شرق الاردن»، ثلاثة ارباع عموم مساحة بلاد إسرائيل، من الوطن القومي اليهودي وجعلوه «إمارة برئاسة عبدالله الهاشمي». وزير الامارات، ألن كيركبريت، كتب في مذكراته بان نية البريطانيين كانت الحفاظ على شرق الاردن لعرب غرب الاردن، حين تقوم دولة يهودية. مهما يكن من أمر، في 1922 قسمت بلاد إسرائيل والقسم الاكبر منها اغلق في وجه استيطان اليهود.
بعد الحرب العالمية الثانية تحولت الامارة إلى دولة واحدة وبعد ذلك إلى مملكة، وظاهرا ـ تجسدت بذلك «رؤيا» الدولتين. إذ أنه في وعي كل عرب بلاد إسرائيل فان البلاد على ضفتي نهر الاردن هي «فلسطين»، واكثر من70 في المئة من السكان في شرقي النهر يعرفون انفسهم كـ «فلسطينيين». اما الباقي، البدو، فلا يشكلون قومية منفصلة. ويتبين ان الملك الذي يجلس في عمان قد توج على الفلسطينيين في شرقي «فلسطين»، وعليه فان ادعاء الظلم على لسان العرب كاذب: توجد دولة فلسطينية، وهي تقع على معظم اراضي «فلسطين»، تلك التي تسمى «المملكة الاردنية الهاشمة»، وباختصار الاردن. هذا الاسم خلق شعبا آخر، «الشعب الاردن». يسمى ذات الشعب باسمين ـ «فلسطيني» و «اردني». وهكذا يغذى الادعاء بان اليهود سلبوا من الفلسطينيين بلادهم.
هذه الحقيقة لا ينبغي لها، بالضرورة، ان تمس بالاسرة المالكة الهاشمية. فاذا كان البريطانيون فرحون باسرة مالكة من اصل الماني، فما الضير في أن يكون للفلسطينيين ملك من أنسال محمد؟ ولكن السؤال من يتحكم بفلسطين شرقي النهر هو شأن العرب. اما لماذا تسكت إسرائيل هذه الحقيقة، الكفيلة بان تكم أفواه متذمريها؟ لماذا تسكت على الاطلاق؟
كي لا تغضب الملك! غير ان نزعة المصالحة ليست مجدية.

يديعوت 

 

حرره: 
م.م