مفارقة القدس

القدس

يسكن في المدينة اليوم نحو 860 ألف نسمة ثلثهم من الفلسطينيين

حاييم رامون

قبل بضعة ايام احتفلنا بيوم القدس. غير أنه لشدة المفارقة فان هذه مدينة ثلثا سكانها ليسوا صهاينة، وبعد عقد أو اثنين سيكون نصيب المقدسيين الصهاينة بين سكانها تافها. لقد نبت شرش الشر في 1967، عندما اتخذت حكومة اسرائيل واحدا من اكثر القرارات غباء في تاريخ حكومات اسرائيل. فقد تبنت اقتراحا لضابطين كبيرين متحمسين جدا لضم 28 قرية، مخيم لاجئين واحياء مأهولة بالفلسطينيين إلى القدس العاصمة. أي من هذه المناطق المضمومة لم يكن يعود أبدا إلى القدس، وبدلا من الاكتفاء بضم ستة كيلومترات مربعة من القدس الاردنية (بما في ذلك البلدة القديمة، الحوض المقدس، جبل الزيتون وجبل المشارف)، ضمت الحكومة إلى القدس اليهودية نحو ستين كيلو متر مربع من المناطق والاراضي التي كانت جزءا من يهودا في الجنوب ومن السامرة في الشمال.

يسكن في القدس «الكاملة» اليوم نحو 860 الف نسمة، نحو ثلث من سكانها فلسطينيون، نحو ثلث اصوليون ونحو ثلث فقط يهود صهاينة. ليس ثمة في العالم عاصمة معظم سكانها لا يتماثلون مع كامل الهوية القومية لدولتهم.
بنيامين نتنياهو، الذي منذ انتخب لاول مرة كرئيس للوزراء، جعل القرى الفلسطينية التي ضمت، بمئات الاف سكانها العرب «صخرة وجودنا». مخيم اللاجئين شعفاط اصبح مقدسا في نظره مثل المبكى؛ قرية الولجة صارت مقدسة بقدر لا يقل عن جبل البيت (الحرم). ولاسفي، سار لبيد، وزير المالية السابق وراءه ووصف القدس «الكاملة»، بجملة قراها ومخيماتها الفلسطينية «فكرة»، محظور لمسها.

ليست القرى الفلسطينية وحدها تعرض للخطر وجود القدس كمدينة يهودية، بل ان دولة اسرائيل تنفق كل سنة اثنين حتى ثلاثة مليارات شيكل وتدفع لنحو 300 الف فلسطيني مخصصات تأمين وطني متنوعة، وتمول خدمات الرفاه، التعليم والصحة لهم.

الى نتنياهو ولبيد انضم في حملة الانتخابات الاخيرة زعيم المعارضة هرتسوغ واقسم هو ايضا الولاء لسخافة «القدس الكاملة». قدسه تمتد من مخيمات اللاجئين شعفاط وقلنديا في الشمال وحتى قرية الولجة في الجنوب، فيما توجد في الوسط العيساوية، جبل المكبر وصور باهر. صحيح أن هذه الاسماء معروفة، من كل هذه القرى والمخيمات جاء في السنوات الاخيرة المنفذون الافراد للعمليات في القدس اليهودية.

لدى بيبي وحدة القدس الكاملة كانت ولا تزال ليس شعارا فارغا، بل شعار يغطي الواقع المحمل بالمصيبة. عمليا، باتت المدينة لديه مقسمة عمليا إلى الاحياء اليهودية من جهة والقرى والمخيمات الفلسطينية، الاحياء العربية المكشوفة، من جهة اخرى. لقد اصبحت القدس مدينة يسودها الانقسام والشقاق، الثانية في نيويورك في فقر أغلبية سكانها، افضل ابنائها يهجرونها. وهي تصبح يمينية، قومية متطرفة واصولية أكثر فأكثر من جهة وفلسطينية أكثر فأكثر من جهة اخرى. بيبي يصفي القدس اليهودية، واليه ينضم لشدة الاسف بوجي، الذي يقدس الخطأ المأساوي من العام 1967 بل ويتباهى بالخطأ وبجذوره «الحزبية».

ان السبيل الوحيد للحفاظ على القدس اليهودية كعاصمة اسرائيل هو اصلاح هذا الخطأ. يجب اعادة الـ 28 قرية إلى الضفة الغربي ومواصلة بناء الجدار الامني الذي بدأ رئيس الوزراء ارئيل شارون في بنائه في القدس في 2004، حين أخرج عمليا مخيم شعفاط للاجئين وكفر عقب خارج القدس. هذا الجدار يجب مواصلته جنوبا وغربا كي تصبح قرى مثل جبل المكبر، صور باهر والولجة خارج النطاق البلدي للقدس. هكذا تعود القدس لتكون مدينة فيها أغلبية يهودية مستقلة. وبالطبع، فانه ستضم في نطاقها كل الاحياء اليهودية التي اقيمت بعد 1967.

أدعو رئيس المعارضة ألا ينجر وراء سياسة تصفية القدس اليهودية التي ينتهجها بيبي والليكود وان يتجند بصوت واضح من أجل قدس يهودية، صهيونية وديمقراطية.
يديعوت 26/5/2015

حاييم رامون

حرره: 
م.م