تنظيم الدولة في العراق: نقطة تحول

تنظيم داعش

ربما يتحول احتلال الرمادي وتوسيع المناطق التي يسيطر عليها التنظيم إلى نقطة ضعف
 

بقلم: كوبي ميخائيل

في الايام الاخيرة أكمل «تنظيم الدولة» سيطرته على المدينة الهامة الرمادي في العراق، وسيطر على معسكرات ومخازن للجيش العراقي الذي انسحب أمامه. هذه السيطرة تشكل انتصارا عسكريا ومعنويا مؤثرا، ومن شأنها نفخ رياح التشجيع في أشرعة سلطة شبه الدولة المضطرة إلى التعامل مع عمليات القصف الجوي لقوات التحالف برئاسة الولايات المتحدة. لكن إلى جانب ادراك هذا الانجاز تظهر هناك امكانية أن «تنظيم الدولة» من شأنه أن يجد نفسه في وضع تجاوز فيه ذروة النجاح. بالضبط هذا النصر الاخير سيتحول إلى عنصر يسرع قوات اقليمية ودولية لزيادة فعاليتها والعمل ضده بقوة أكبر.

البواكير الاولى الهامة في هذا السياق رأيناها في عملية «قوة دلتا» الأمريكية التي خلالها تمت تصفية أبو سياف، القيادي في «تنظيم الدولة»، الذي كان مسؤولا عن صناعة النفط لتنظيم الدولة الإسلامية، المورد الاقتصادي الهام والاكثر جدوى.
الآن حيث نجح «تنظيم الدولة» في هزيمة الجيش العراقي، يبدو أن الولايات المتحدة وقوى اخرى استوعبوا مغزى اهانة الجيش العراقي وقدراته المحدودة جدا. لهذا، والى جانب جهود لاعداد قوات جديدة، تسليح الجيش العراقي، ستضطر الولايات المتحدة لزيادة جهودها الحربية سواء في عمليات برية، وحتى إن كان بتفضيل واضح لقوات وعمليات خاصة، أو في حث باقي الشركاء. والاهم من ذلك فانه يجري في الولايات المتحدة حوار حذر فيما يتعلق بالضعف الاستراتيجي الأمريكي في هذه الساحة، وفي الفجوة الاستراتيجية القائمة (أو غير القائمة) بالنظر إلى ماهية التحدي.
الانتقاد الشديد يقود ويسرع عمليات التفكير، التي اساسها التعلم والنظر إلى التحدي ليس فقط من خلال العدسة العسكرية. الأمريكيون بدأوا في ادراك أن ماهية التحدي هي ثقافية وعقلية وتقتضي عمليات تعلم هامة وتطوير رد مركب.
الجهد الأمريكي يتطرق ايضا إلى مكانة إيران. الأمريكيون يرون في إيران عنصرا مساعدا على الاستقرار ومساعدا في كل ما يتعلق بالحرب ضد «تنظيم الدولة» رغم أنهم يفهمون جيدا الثمن المرتبط بتعاون كهذا. ليس بالامكان نفي امكانية أن الحماسة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق مع إيران حول البرنامج النووي مرتبط ايضا بالحماسة لضم إيران إلى التحالف ضد «تنظيم الدولة»، بصورة تُمكن الولايات المتحدة من عدم توسيع حضورها العسكري البري في العراق وسوريا.
اذا كان الأمر كذلك فانه كما ترى الولايات المتحدة، فان ثمن الاتفاق مع إيران حول الموضوع النووي رغم المخاطر التي تكتنفه، يستحق هذه الخطوة. ليس هناك شك أن هذا الموقف يثير القلق، حتى الخوف، في اوساط حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بالتأكيد بالنسبة للسعودية والاردن ومصر، ويبدو ايضا اسرائيل. من وجهة نظر المعسكر العربي البراغماتي واسرائيل فان إيران هي بالفعل عدو شديد لـ«تنظيم الدولة» وستعمل كل ما في استطاعتها لضرب هذا التنظيم وشل قدرته على زعزعة النظام السوري الحالي. لكنها قبل كل شيء عدوهم اللدود وهي تشكل خطرا على مصالحهم الاستراتيجية الحيوية.
إن خوف المعسكر البراغماتي يمكن أن يقود هذا المعسكر إلى زيادة جهوده لضرب «تنظيم الدولة». هذا الجهد إلى جانب الجهد الأمريكي لتوسيع الهجوم على «تنظيم الدولة» بموازاة تحسين عمليات التعلم وتطوير استراتيجية مناسبة، والى جانب تمدد «تنظيم الدولة» بعد احتلال مدينة الرمادي، من شأنها خلق معادلة جديدة. في المعادلة الجديدة ستقل قدرة «تنظيم الدولة» على الدفاع عن المناطق التي سيطر عليها وتحولها إلى جسم اكثر تعرضا للضرب نظرا للحاجة إلى التموقع من اجل تأمين سيطرة على المناطق والسكان، وستزيد قدرة الهجوم للولايات المتحدة والدول العربية المشاركة في هذا الجهد.
في هذا السيناريو يمكن أن يجد «تنظيم الدولة» نفسه يخلق تناقض النجاح، عندما يتحول الانجاز العسكري والمعنوي الناتج عن احتلال الرمادي إلى انجاز يمثل انتقالا إلى ذروة النجاح، نقطة العلو التي منها يبدأ الانحدار نحو الاسفل. يجب ألا نستنتج من ذلك أن الايديولوجيا وروح الثورة الإسلامية الراديكالية ل»تنظيم الدولة» ستختفي بالضرورة، تنظيمات جديدة يمكن أن تنشأ من تحتها وتواصل النضال، لكن يمكن بالتأكيد أن «تنظيم الدولة» كتنظيم وككيان شبه دولة سوف يضعف.

اسرائيل اليوم

كوبي ميخائيل

حرره: 
م.م