فرق تسد على طريقة السيسي

السيسي

بقلم تسفي بارئيل

قتلت قوات الامن المصرية يوم الثلاثاء أربعة اسلاميين أطلقوا قذيفة هاون نحو المتحف في العريش. ويوم الاربعاء تعرض للاعتداء القطار قرب مدينة المنوفية وقتل خمسة اشخاص، وفي يوم الخميس انفجرت عبوة ناسفة صغيرة قرب القصر الرئاسي في شمالي القاهرة واصيب ثلاثة أشخاص. ويكاد يكون كل يوم يبلغ فيه الناطقون بلسان الجيش المصري عن اعتقال متطرفين، الكشف عن مخزونات سلاح وذخيرة، تدمير المزيد فالمزيد من الانفاق التي بين قطاع غزة وسيناء وعن استمرار اخلاء المباني التي على طول الحدود. ويشرف على الحملة الجيش من خلال المروحيات التي يسمح لها منذ اشهر بالدخول الى المنطقة التي تعتبر مجردة من السلاح في اتفاق كامب ديفيد.

وكانت مصر أغلقت معبر رفح دون قيد زمني بل ان حتى طلب السلطة الفلسطينية فتحه مرة واحدة في الاسبوع على الاقل لم يستجب بعد. والمداولات عن إعمار غزة بعد حملة «الجرف الصامد» والذي كان يفترض أن تكون الان في ذروتها تأجلت وفي القطاع لا يعرفون القول متى ستستأنف. مصر، الغارقة في الحرب ضد الارهاب في ثلاث جبهات (سيناء، المراكز السكانية، وعلى الحدود الغربية مع ليبيا)، ليست متفرغة لمعالجة الموضوع الفلسطيني، بحيث أن حتى الاحداث في الحرم لا تحتل عناوين كبرى في الصحف.

ولا يتلخص التجند المصري ضد الارهاب في عمل الجيش. فحتى مظاهرات الطلاب في مؤسسة الازهر وفي جامعات اخرى تحظى بمعالجة متصلبة. فحسب التعليمات الرئاسية، يمكن أن يطرد من جهاز التعليم كل طالب أو معلم يشارك في المظاهرات ويخل بالنظام (شريطة الا تكون هذه مظاهرات تأييد للحكم). وفي الشبكات الاجتماعية يحظى الرئيس عبدالفتاح السياسي بتأييد كبير، ولكن منظمات حقوق الانسان تخشى وعن حق من أن يصبح الصراع ضد الارهاب معركة ضدها وضد المعارضة.

وبينما تلقى حرب الابادة ضد الاخوان المسلمين التفهم بل والتشجيع، فان اعتقال وحبس المدونين وغيرهم من النشطاء المدنيين، العلمانيين، يثير الغضب والخوف. فبعد وقف نشاط حركة 6 ابريل، من رجالات الثورة في 2011، بأمر من المحكمة في شهر نيسان، وبعد ان حكم بالسجن على عشرات المدونين والنشطاء، جاء المرسوم الذي يخول الجيش بالدفاع عن سلسلة طويلة من المؤسسات العامة المدنية. ويجعل هذا المرسوم هذه المواقع مواقع عسكرية رسمية كل من يمس بها تنتظره محاكمة عسكرية.

هذا الاسبوع بُشر المواطنون المصريون بتعيين فايزة أبو النجا في منصب مستشار الامن القومي. وهذا تعيين غير مسبوق. فمنذ أكثر من 40 سنة ليس هناك في مصر مستشار للامن القومي، فما بالك أن تكون إمرأة. ظاهرا تعتبر هذه خطة مشجعة، ولكن ابو النجا التي تسمى المرأة الحديدية المصرية، التي تولت منصب وزيرة التعاون الدولي هي أيضا الشخصية التي تقف خلف الحملة ضد جمعيات حقوق الانسان.

أبو النجا، التي تولت في الماضي مناصب دبلوماسية رفيعة المستوى، كشفت «قناة التمويل الدولية» التي تساعد هذه الجمعيات، بما فيها حركة 6 ابريل، وتسببت بادانة العديد من النشطاء بتلقي تمويل أجنبي. كما وقفت أبو النجا على رأس المعارضين لتدخل الولايات المتحدة «في الشؤون الداخلية لمصر». واضافة الى ابو النجا، عين وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين في منصب مستشار مكافحة الارهاب.

وسواء فايزة ابو النجا أم جمال الدين خدما في عهد حسني مبارك وترى حركات الاحتجاج في عودتهما الى الساحة السياسية – الأمنية عودة زاحفة للنظام السابق الى صفوف الاجهزة القيادية العليا. «هذه تعيينات تصريحية»، يقول لـ «هآرتس» صحفي مصري كبير، «شخص أو اثنين، مهما كانا كفؤين، لا يمكنهما أن يطهرا مصر من الارهاب في كل جبهاته. فالسبيل الى التغلب على الاقل على قسم من هذه الهجمات هو المصالحة مع الاخوان المسلمين وتوثيق التعاون مع القبائل البدوية في سيناء». وعلى حد قول الصحفي فان كل اقتراح علني للمصالحة مع الاخوان المسلمين يجعل مقترحه خائنا، ولكنه يشير الى أن هذه المحاولات لم تتوقف تماما. فبين الحين والاخر يبلغ الاخوان المسلمون عن اتصالات يجرونها مع مندوبي النظام في محاولة لصياغة اقتراحات مشتركة للمصالحة. وفي الاخوان المسلمين أنفسهم نشأت صدوع عميقة بين الجيل القديم، الذي زج بمعظمه في السجون، وبين الجيل الشاب الذي يسعى الى اقامة شبكة علاقات جديدة مع النظام.

لا يسارع السيسي الى تبني هذه المبادرات مثلما بقيت وعوده لتنمية سيناء الاقتصادي في صالح البدو حتى الان على الورق. فقادة القبائل البدوية الذين التقوا به هذا الاسبوع طلبوا منه بناء «رفح الجديدة» بدلا من مئات البيوت التي هدمت وستهدم على طول الحدود مع غزة. وقد استمع السيسي اليهم، وهو مليء بالابتسامات والمدائح، ولكن البدو خرجوا من اللقاء دون وعود.

ويخيل أن الرئيس المصري يميل أكثر للانشغال بالسياسات العربية منها في ايجاد حلول سياسية بتهديد الارهاب في بلاده. وهو يفضل ان يودع هذا الموضوع في أيدي رجال الجيش ووزارة الداخلية. ولم يتقرر موعد الانتخابات للبرلمان بعد وذلك لان صياغة قانون الانتخابات لم تستكمل بعد. ويبدو أن مصر تسير بخطى ثابتة عائدة الى فترة الرئاسة «الكلاسيكية» فيها.

في ساحة مكافحة الارهاب نجد أن السيسي أكثر نشاطاً وهو الذي اقترح تشكيل التحالف العربي ضد الدولة الاسلامية. وقد قام هذا التحالف بالفعل، ولكن بعد المشاركة الرمزية للطائرات السعودية ومن اتحاد الامارات في الخليج، يبدو أن «القسم العربي» فضل الانتقال الى التحكيم. فقد نشر هذا الاسبوع بان مصر، السعودية، الكويت واتحاد الامارات تبحث في امكانية اقامة قوة مشتركة لمكافحة الارهاب الاسلامي المتطرف. ولكن منذ بداية المداولات تبين أنه لا يوجد توافق في مواضيع مبدئية مثل حجم القوة، من يقودها، من يمولها، وبالاساس ماذا تكون أهدافها. وأفادت مصادر مصرية بان النية هي للعمل في ليبيا وفي اليمن وليس في سوريا والعراق، الجبهتين اللتين يعالجهما التحالف. والنشر عن القوة العربية يؤكد تخوف هذه الدول من أن تكون الولايات المتحدة تكتفي بالاعمال في سوريا وفي العراق ولن تساعد الكفاح ضد الارهاب في الساحات الاقرب اليها.

هآرتس

حرره: 
س.ع