كلنا سندفع الثمن

أوباما

 بن كاسبيت

السؤال المركزي الذي طرح نفسه أمس هو لماذا اصبحت المعركة بين بنيامين نتنياهو وبراك اوباما انفعالية بهذا القدر؟ فاوباما يعتبر «سمكة باردة» على نحو خاص، شخص عديم الانفعالات، موضوعي ومركز وها هو يفتح أبواب جهنم ويطلق كبار موظفيه نحو نتنياهو (أمس ذعروا في البيت الابيض قليلا، وتذكروا على ما يبدو بان في الاسبوع القادم توجد لديهم انتخابات حاسمة، فحاولوا التنكر لما نشر).

وها هي النظرية السائدة في أروقة غير قليلة في واشنطن: شيلدون أدلسون، رجل القمار وسيد نتنياهو الكبير، تبرع قبل ستة ايام بـ 5 مليون دولار نقدا للجهود الانتخابية للجمهوريين. ولما كان هذا الاسبوع الاخير من الحملة المتلاصقة والحاسمة، فان هذا مال كبير جدا يمنح ريح اسناد هائلة لمساعي الجمهوريين للوصول الى اغلبية حاسمة في مجلس الشيوخ وفي مجلس النواب على حد سواء.

بعد يومين من ذلك نزل اوباما بعظمته الى فيسكونسين كي يساعد المتنافس الديمقراطي هناك على احتلال منصب الحاكم، الذي يحتله جمهوري. وهذا هو نزول نادر لاوباما الى الميدان في هذه الانتخابات، في ضوء وضعه في الاستطلاعات. ولا يزال هو في فيسكونسين شعبيا والمعركة المتلاصقة هناك دفعته لان يلقي بكل ثقله كي يرجح الكفة في صالح المرشح الديمقراطي. في نفس اليوم تبرع أدلسون بمبلغ اضافي هو 650 ألف دولار لجهود الجمهوري المتنافس في فيسكونسين.

ولما كان نتنياهو يعتبر في واشنطن ذراع أدلسون الطويل، فهناك احتمال أن يكونوا في محيط اوباما قد فسروا الخطوة كمسعى آخر من الثنائي نتنياهو وأدلسون (لاحقا أدلياهو) لتوجيه ضربة شديدة للرئيس القائم في الولايات المتحدة. ففقدان الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، وهو سيناريو معقول جدا الاسبوع القادم، سيجعل اوباما اوزة عرجاء والسنتين المتبقيتين له كابوسا مستمرا. وقد تعاون نتنياهو وادلسون في المساعي للاطاحة باوباما قبل سنتين، حين كلف هذا أدلسون 100 مليون دولار. وراهن نتنياهو على انتصار ميت رومني. وفشل الرهان. وتدهورت العلاقات مع البيت الابيض. والان حان دور رهان آخر. فماذا سنفعل اذا ما فشل هذا ايضا؟

الحقيقة هي أن الوضع سيكون أخطر اذا ما نجح الرهان. اذا ما اصبح اوباما الاسبوع القادم بالفعل أوزة عرجاء بفضل ادلسون ونتنياهو، فسيكون هذا انتصارا أشبه بالهزيمة. ففي مثل هذا الوضع، لن تتبقى للرئيس جبهات داخلية. لان الكونغرس الامريكي الكدي سيكون مشلولا. وما سيتبقى له هو العلاقات الخارجية. وهو سيكون جريما، مصابا، يتطلع الى الثأر والاهم، ستكون له سنتان وشهران في المنصب. اما الثمن، فسندفعه كالمعتاد نحن. نتنياهو سيواصل الرهان لسبب بسيط: فهو لم يعاقب على هذا.

ما نشر أمس، بقلم جيفري غولدبرغ في «أتلنتيك»، الصحفي الاكثر قربا من البيت الابيض كان هدفا سجله الامريكيون على أنفسهم. فقد أعرب مسؤولون كبار في الادارة عن الصدمة من استخدام كلمات فظة ورخيصة ليس بسبب كرامة نتنياهو بل بسبب رد الفعل المضاد. فقد رفع النشر نتنياهو الى مصاف لم يدرج على تفويته. فقد وقف في الكنيست أمس وأعلن بان الامريكيين يمسون به لانه «يحمي اسرائيل».

غير قليل من الناس بين الجمهور الاسرائيلي سيشترون هذا بحماسة. وكأن الولايات المتحدة تمس بأمن اسرائيل بلا انقطاع. تمس بـ 3 مليار دولار في السنة، بمظلة سياسية هائلة حول العالم، باستخدام فيتو تلقائي حتى في المواضيع التي تعارض فيها سياسة اسرائيل بالمساعدة على الحفاظ على الغموض النووي، بتوريد كل السلاح الامريكي الاكثر تطورا واتقانا. باسناد عسكري في خطوة عربية وفي الف وواحدة وسيلة اخرى ليس هنا المجال لتفصيلها. ولكن نتنياهو يحمينا بجسده، بينما يسعى الامريكون الى قبض أرواحنا. هذا ما باعوه لنا أمس.

ان اسرائيل قريبة اكثر من أي وقت مضى من وضع القيصرية. من ناحية نتنياهو، «الدولة هي أنا. قصة النائب ايتان كابل امس مثيرة للحفيظة على نحو خاص. وكما يذكر، فان كابل سيرفع مشروع قانون هدفه حماية الصحافة المطبوعة في اسرائيل. وقد نال هذا القانون لقب «قانون اسرائيل اليوم». وردا على ذلك خرجت الصحيفة في حملة ضد كابل، خمس صفحات اولى مليئة، بما في ذلك نشر رقم الهاتف في مكتبه ودعوة القراء الى غمره بالمكالمات.

بعد ساعتين من الشتائم الهاتفية، حول كابل المكالمات من مكتبه الى مكتب رئيس الوزراء. وبعد وقت ما جاء موظف الكنيست الى مكتب كابل مكلفا من مكتب رئيس الوزراء لالغاء التحويلات. وقد فعل هذا، ولكن كابل استأنف الخدمة بعد ذلك. وعندها جاءت مكالمة من مندوب شركة تلدور، التي تصون شبكة الكنيست الهاتفية، وعمد المندوب على الغاء الخدمة من بعيد، بل وبعد ذلك.

وبالمناسبة، فان آشر بهرف الذي هو المحرر الرئيس الرسمي لـ «اسرائيل اليوم» كان من مؤسسي شركة تلدور والمديرة العامة للصحيفة اليوم هي المديرة العامة السابقة لتلدور. وبعث كابل أمس برسالة غاضبة الى رئيس الكنيست على هذه الاساة، على حد قوله، بسيادة الكنيست بأمر من مكتب رئيس الوزراء. مشوق أن نرى احدا ما يحقق في هذه العلاقات المتفرعة.

 

معاريف الاسبوع