وقفة تشرتشل المقدسي

نتنياهو

يصر نتنياهو على أن يُدبر أمور العالم ويرفض الفرصة للدخول في حلف يواجه الإسلام المتطرف

بقلم افيعاد كلاينبرغ

لم تغب المحسنات اللغوية عن خطبة نتنياهو في الامم المتحدة. فزعم أن الاسلام المتطرف خطر على العالم كله صحيح. وزعم أن ايران تدعم الارهاب صحيح. وزعم أن اسرائيل لم تنفذ مذبحة شعب في غزة صحيح ايضا. ويمكن أن نجادل في مزاعم اخرى مثل: هل كل منظمة اسلامية هي داعش، وهل ايران وداعش جزء من الجهد الاسلامي نفسه للسيطرة على العالم؟ إن العداء بين ايران وداعش يشهد بأن ليس المسلمون جميعا يعاون بعضهم بعضا، فالجمهورية الاسلامية ترى الخلافة الاسلامية عدوا خطيرا وهي مستعدة للتعاون حتى مع الغرب البغيض كي تصدها.
واذا كان أبو مازن هو حماس في الحقيقة كما يزعم رئيس الوزراء، وحماس هي داعش وداعش هي ايران، فليس من الواضح لماذا لا تعمل اسرائيل كما تطلب من الغرب. إن غزة ورام الله بخلاف ايران في متناول أيدينا، فلماذا يمتنع رئيس وزراء اسرائيل عن ابعاد التهديد المحلي على الأقل؟ ليس ذلك واضحا. من الواضح أن الاجراءات السياسية العسكرية شأن مركب ينطوي على تقديرات الربح والخسارة. ونتنياهو بصفته رئيس وزراء اسرائيل على علم بذلك الترتيب بيد أنه يرفض فقط أن يراه عند آخرين.
فهؤلاء في زعمه يجلسون مكتوفي الأيدي. وليس هذا دقيقا. فليس صحيحا مثلا أن الغرب لا يفعل شيئا في الشأن الذري الايراني، فقد فرض الغرب على ايران نظام عقوبات يبدو أنه أفضى الى تبديل السلطة والى اتفاق خضوع شمل وقف البرنامج الذري مقابل تخفيف العقوبات. وقد لا يكون ذلك كافيا لكن من المؤكد أنه ليس «لا شيء».
وتعلم الغرب الدرس من العراق وليبيا وامتنع عن اسقاط الاسد مع كل بغضه له. ونجح في تجريده من السلاح الكيميائي دون حرب شاملة. ولم يحل ذلك المشكلة السورية لكن ليس ذلك هو اللاشيء الذي ينسبه نتنياهو الى الدول الغربية. ولا يجلس الغرب مكتوف اليدين فيما يتعلق بداعش ايضا فهو ينظم أحلافا محلية ويستعمل قوة ايضا.
وفي الحاصل العام لا تقل انجازات الغرب عن انجازات بيبي في غزة لأنه ما الذي أحرزته كل العمليات والحروب والعقوبات الاسرائيلية؟ لم تحرز الكثير الى الآن، فسلطة حماس لم تضعضع (ومن اسباب ذلك أن حماس جيدة لدولة اسرائيل كما أعلن بنحاس فالرشتاين من قادة المستوطنين) ولم تختفِ قدرتها على معاودة الهجوم على اسرائيل.
يُكثر رئيس وزراء اسرائيل من اقتراح اقتراحات لادارة العالم. لكن المشكلة أن نتنياهو ليس حاكم العالم، بل ليس هو زعيم قوة من القوى العالمية الكبرى. فنتنياهو هو زعيم دولة غير كبيرة في الشرق الاوسط وهو قوي بالكلام أما حينما يبلغ الامر الى امتحان التنفيذ فمن الصعب أن يؤثر فينا.
سياسة نتنياهو هي الحفاظ على الوضع الراهن وتوسيع البناء في المناطق. وهو لا ينجح في المهمة الاولى نجاحا حقيقيا، فالوضع يا ويلنا يتغير بلا توقف وعند نتنياهو اجوبة قديمة على أخطار جديدة (القوة) واحتمالات جديدة (لا توجد). وفي المرة الاخيرة التي اصغت فيها الولايات المتحدة الى نتنياهو والى مؤيديه من المحافظين الجدد اجتاحت العراق وخلفت دمارا وخرابا.
ولنتنياهو في المهمة الثانية انجازات لكنها لا تؤثر فيما عدا اسرائيل. إن العرض المتكلف لتشرتشل المقدسي كان يمكن أن يكون مضحكا لولا أن تشرتشلنا مصمم على حل مشكلات العالم في ثلاثينيات القرن الماضي (فالنازيون لا يغيبون ألبتة عن خطب نتنياهو)، في حين يضيع فرصة لا تتكرر للتحول من لاعب لا يريده أحد في فريقه الى جزء من فريق عظيم القوة يؤدي دورا مركزيا في مواجهة الاسلام المتطرف.
غير أن ضم اسرائيل الى هذا الحلف يوجب حلا للمشكلة الفلسطينية. وهذا الحل مقرون باخلاء مستوطنات واخلاء مستوطنات يصادم انجاز نتنياهو السياسي الوحيد ألا وهو ارضاء مجلس «يشع». ويبدو أن هذا لن يحدث في مدة ولاية نتنياهو، ولهذا يجب أن ينصرف نتنياهو.

يديعوت 

حرره: 
م.م