حماس تتحدى

كتائب القسام

ينبغي الاعتراف بأن المنظمة عدو يشكل تحديا حقيقيا لإسرائيل وجيشها

بقلم: آري شبيط
لا يبدو الامر جيدا من اللحظة الاولى، أعني المصطلح المقلق: عملية مدحرجة. والوعد المكرر بأن حماس مذعورة وعدم وجود ضربة أولية ساحقة دقيقة. وخطوط تشابه ما مع حرب الخليج الاولى: فلا يوجد في الاسبوع الاول ضرر كبير، ويوجد القليل من الضحايا، لكن السيادة الاسرائيلية قد دُنست. وتوجد خطوط تشابه اخرى مع حرب لبنان الثانية مثل توهم أنه يوجد وقت والشعور بأنه يمكن التمهل، وعدم القدرة على اتخاذ قرار الوقف أو التصعيد.
وهكذا تظهر علامات سؤال رويدا رويدا. هل وعدونا بأن حماس مردوعة؟ إنها ليست كذلك. وهل وعدونا بأن الجيش الاسرائيلي عنده جواب؟ ليس الجواب كاملا. فلا يوجد حل مدرسي ولا ضربة خاطفة. ومع عدم القدرة على الضرب كما ينبغي من الجو يصبح المجلس الوزاري المصغر مضطراً إلى الدخول البري (الخطير)، أو تسوية هشة اشكالية. إن الجرف صامد في الحقيقة لكن الصورة واضحة وهي صورة منظمة ارهاب صغيرة وفقيرة ومتطرفة تنجح في تحدي الجيش الاسرائيلي القادر على كل شيء. وتنجح التقنية المتدنية لغزة تحت الارض في مواجهة تقنية اسرائيل العالية زمنا طويلا. وليس ذلك حسنا، ليس حسنا بما يكفي.
إن المسألة الاخلاقية لا لبس فيها وذاك أن حماس حركة فاشية دينية (تضطهد النساء والمسيحيين واللوطيين)، هاجمت دولة اسرائيل في يوم ما صاف.
وقطاع غزة قطعة ارض ليس فيها مستوطنات ولا حواجز ولا جيش احتلال ولهذا لا يوجد أي تسويغ للهجوم الوحشي على السكان المدنيين في اسرائيل. لكن الامر الاستراتيجي أكثر تعقيدا. فاسرائيل لم تفعل في السنوات الاخيرة لمواجهة احتمال اشتعال مواجهة مرة اخرى في الجنوب، ما كان يفترض أن تفعله، فلم تُستغل سنوات الهدوء للدفع بمسيرة سياسية قدما، ولم تُستغل لبناء أساس صلب لشرعية دولية. ولم تُستعمل السنوات السمان لمنح الجيش الموارد والدعم الذي كان يحتاج اليه. ولم تتحقق اسرائيل الوادعة في الالفية الثالثة من أنها مستعدة كما ينبغي لصدام مع من يريدون القضاء عليها.
إن الانجازات الكبرى الى الآن دفاعية. ويستحق مهندسو القبة الحديدية جائزة نوبل للسلام (فلولا إبداعهم العبقري لقتل عشرات المواطنين الاسرائيليين ولاضطرت اسرائيل الى أن تغرق الى عنقها في رفح وخانيونس). ويستحق المجتمع الاسرائيلي صليب فيكتوريا (فلولا بطولته الصامتة لنشبت هنا حرب اقليمية). ويستحق الجيش الاسرائيلي المدح لصده قوات الصاعقة البحرية الفلسطينية ومنعه كارثة في نفق كرم سالم، واحباط محاولة حماس ضرب الجبهة الداخلية. لكن أين الرد الاسرائيلي الذكي على تحدي ميدان القتال غير المتكافيء؟.
ينبغي أن نقول ما نقول في ألم لكن بصدق: إن الولايات المتحدة تحت حكم براك اوباما ما كانت لتسلم باطلاق القاعدة الصواريخ على ساحل ميامي وعلى واشنطن ونيويورك، وما كانت بريطانيا ديفيد كامرون لتسلم بهجوم ارهابي على مانشستر وبرمنغهام ولندن. لكن اسرائيل بنيامين نتنياهو تضطر الى التسليم بضرب مستمر بالصواريخ لعسقلان وأسدود ورحوفوت وتل ابيب وزخرون يعقوب. وهي لا تفعل ذلك لأنها مستخذية بل لأنها لا تعرف كيف تهزم حماس في غزة دون أن تغرق في وحل غزة. ولم تنجح أمتنا الألمعية الى الآن في ايجاد التطبيق الذي يُمكّن من الانتصار سريعا على الانتفاضة الثالثة.
إن نتنياهو الحذر أفضل من نتنياهو المتسرع. وتقدير موشيه يعلون وبني غانتس العميق للامور أفضل من التعجل الشيطاني لداني دنون وافيغدور ليبرمان. وينبغي أن نُجل عمل الجيش الاسرائيلي المخلص وأن نبذل كل جهد كي لا نضع الحذاء العسكري على الارض ولا نتورط في قتال بري واسع على ارض سيئة. لكنه في اليوم العاشر من المعركة ينبغي أن نعترف بأننا مُتحدَّون بعد سنين كنا فيها في دعة وسبات. وسيحتاج حينما يتوقف سقوط الصواريخ وحينما تكف الطائرات عن القصف الى التفكير مجددا في التهديدات التي تواجهنا.

هآرتس 

حرره: 
م.م