الحل أمام عيوننا

الرئيس عباس

بقلم: يوئيل ماركوس

من الصعب ان نتذكر متى وفي أي سياق لعب البطن دورا على هذا القدر من المركزية مثلما لعبه في تجربة الدولة باسرها في أعقاب اختطاف وقتل غيلعاد شاعر، نفتالي فرنكل وايال يفرح. ففي الفكر تأتي فقط الصدمة التي عاشتها اسرائيل بسبب الصواريخ التي اطلقت على تل أبيب وجسدت كم يمكن لجبهتنا الداخلية ان تكون مكشوفة وكم نحن وابناؤنا نسير على الحافة. ثلاثة قتلى ليسوا شيئا شاذا في اسرائيل، مسألة يومية في الطرقات. ولكن حادث طرق هو أمر وأمر آخر هو قتلى المملكة في المناطق. كل واحد وذاكرته. نحن نعيش في دولة تسلل فيها فلسطينيان في ليل سبت ما الى بيت عائلة بوغل في ايتمار وقتلا بطعنات سكين (40 سم كل واحدة) ابوين وثلاثة من ابنائهما، احداهم رضيعة. في حينه أيضا كانت اخفاقات للساحة ولكن في حينه ايضا شجب ابو مازن العملية. القاتلان، من ابناء القرية المجاورة القي القبض عليهما وحكم على كل منهما بـ 130 سنة سجن. ومن حظنا أنهما لم يكونا هما ايضا من محرري صفقة شاليط.

 

خلافا لاولئك الذين يتباهون بافعال ابنائهم وبصور «الشهداء» تزين حيطانهم، عندنا لا يتباهون بمتطرفينا، لا برجال شارة الثمن ولا بالقتل «الدفاعي» الذي لا يميز بين المقاتلين والاطفال. ثلاثة قتلى هم كما أسلفنا ليسوا شيئا شاذا في اسرائيل، ولكن مع ذلك هذه المرة حصل الحدث على صدى هائل. لماذا؟ لان العائلات بثت شيئا ما آخر يختلف عما نحن معتادون عليه. فقد بدوا كمن نبتوا من جذع المفدال بالصهيونية الدينية، وليس فتيان التلال. وأبدى الجمهور الغفير تعاطفا، ولا سيما عندما رأى الصور المبتسمة التي بثت للفتيان. وكان في سلوك الاهالي شيئا ما يتسلل الى القلب. لم يدعوا الى الثأر. لم يقودوا مظاهرات العنف. بكوا بصمت في مواقعهم، حين سمعوا صوت الابن يهمس «خطفوني».

في نظرة الى الوراء ما كانت الاستجابة الفورية من الشرطة ستغير الكثير. وحسب الاصوات التي سمعت، يبدو أنهم قتلوا فور المكالمة الهاتفية. ليس واضحا اذا كان الثلاثة اختطفوا لاغراض المساومة، ولكن من الواضح أن الخاطفين دخلوا في حالة فزع ولم يعملوا حسب «الخطة»، اذا كان هناك شيء كهذا. ولم يكن «لفرضية العمل» بانهم احياء غطاء. القليل جدا تسرب من جلسات المجلس الوزاري المتواترة. وكلما كان التعتيم أكبر، هكذا اصبحت الثرثرة والتحليلات في وسائل الاعلام الالكترونية لا تطاق. واذا ما استخدمنا التعبير الشهير لاقوال تشرتشل فلم يسبق أن عرف هذا القدر الكبير من المستمعين هذا القدر القليل مما يحصل حقا. وبين تسريب وتسريب طرحت اقتراحات لحملات ثأر على أنواعها من احتلال قطاع غزة وحتى محوه في هجوم جوي. بوغي يعلون، الذي اقترح اقامة مستوطنة على اسم الثلاثة «في منطقة مسموح بها»، فاجأ في ضبطه للنفس حين قال انه يجب التفكير من الرأس وليس من البطن. لو كنت مكانه، لطرحت هذا على التصويت في الحكومة.

الجمهور لم ينتظر التعليمات، خرج الى الميادين التي اطلقت فيها أناشيد حزينة واشعلوا شموع الذكرى. عشرات الالاف شاركوا في الجنازة. ومتطرفون خرجوا من ثغورهم، وفي القدس قتل فتى عربي، القتل الذي اصبح فتيلا، اشعل الاضطرابات واثار الاشتباه بان يد رجال شارة الثمن في القضية.

ماذا حصل لكل وعود السياسيين في الحملات الانتخابية، في أنهم سيجلبون السلام والامن؟ القول ان «ليس لنا شريك» هو ذريعة كاذبة من رئيس وزراء يخاف من ظل نفسه ويفكر من البطن وليس من الرأس حين يكون مطالبا بالسعي نحو تسوية سلمية مع الفلسطينيين. ابو مازن ليس عرفات الذي لم يرغب في الوصول الى السلام، بل زعيم متوازن يقول علنا انه يريد التسوية. زعيم قادر على أن يشجب في محفل وزراء الخارجبة العرب الاختطاف هو أحلى رجل. لا تقولوا بعد اليوم انه لا يوجد مع من يمكن الحديث. الحل امام عيوننا.

 

هآرتس