رام الله !

دولة الفلسطينيين منزوعة الدولة ، و "عاصمة " والعصمة ليست بيدها ، تطل على عاصمتها من فوق جبال القدس ولا تصل اليها الا بتصريح ! وبين حاجز ومستوطنة تحاول رام الله وطنا لما تبقى لها من وطن !
احلام يقظة فلسطينية معلقة على ارتفاع 880 مترا فوق جبال القدس هي رام الله ! يطل لاجئ من مخيم الجلزون باتجاه الغرب على مسقط رأس والده في يافا فيرى عن بعد حوت تل ابيب كيف ابتلع يافا ، والبحر في متناول العين البصيرة واليد القصيرة لا تطال يافا !
وبين يافا والقدس تحاول رام الله في " المقاطعة " حل الكلمات المتقاطعة في حل الدولتين ، وتشكل حكومتها بانتظار وطن يخرج من حقيبة كيري لتحكمه !
ومثل دوار المنارة تدور رام الله في حلقة مفرغة في مفاوضات لا تفضي الى شيء ! ويأتي كيري الذي يصر ان تكون ربطة عنقه الزرقاء تتناسب مع الوان العلم الاسرائيلي ، ويقضم سندويشة شاورما في مطاعم رام الله ويطنش عن الاستيطان الذي يقضم ارض بلادنا قطعة قطعة ! ويذهب كيري ، وسط ذهول اسود دوار المنارة الاربعة حين تقتحمها سيارات الجيب العسكرية الاسرائيلية ، ويتفرج ضابط شرطة فلسطينية عليها من فوق شرفة مخفره ويلتزم بصمت "حكمة " اوسلو !!
وبين اسير و وزير تواصل رام الله حياتها بين ضريحين ضريح ياسر عرفات القائد العام وبين ضريح محمود درويش الشاعر العام ! وبين حنكة القائد السياسي الراحل وحلم الشاعر الراحل ، تواري رام الله خيبتها في ان تدفن قائدها في القدس وتدفن شاعرها في البروة ، ويمارس كاتب عامود فلسطيني قيلولته على مقعد في مقهى رام الله ويحلم انه ينتش كعك القدس في باب العامود ، ويضع شاعر فلسطيني من غزة لاجئ سياسي في رام الله اكليل ورد على ضريح محمود درويش ، ويراهن على عناق عزام الاحمد وموسى ابو مرزوق ان يضعا حدا للانقسام البغيض !
وتواصل رام الله حياتها على ارتفاع 880 مترا فوق جبال القدس ، وتسهر في مطعم دارنا تناقش حق عودة فلسطيني في مخيم الجلزون ، وتختلف في فندق موفينبيك حول افضل الطرق لفك الحصار عن مخيم اليرموك ، وتمنح جوازات السفر الفخرية للفنانين والفنانات ، ويغرق الفلسطينيون في بحار العام بحثا عن وطن !
وبين حاجز قلنديا والمقاطعة ، تقف رام الله مقطوعة الانفاس تنتظر الجندي الاسرائيلي ان يسمح لها بالعبور الى عاصمتها المعصومة عنها ! وتلعق بوظة ركب لتبرد اعصابها ، وتقف على جبال القدس تطل على بحر يافا وعلى القدس والعين بصيرة واليد قصيرة !!!

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.