ادخل برجلك اليمين إلى "الفيس بوك" وقل: يا رب اللايك!

فيسبوك

توكلْ على الله وادخلْ الفيس بوك برجلك اليمين ، "وامش الحيط الحيط وقل ياربي اللايك" !

وترحمْ على ايام كان للحيطان اذان تتنصت على خوفك ، من كلمة تقولها تصل الى اذن ضابط المخابرات !

صار الآن لحيطان الفيس بوك ليس فقط آذان بل لسان يثرثر بما هب ودب من "البوستات" يوميا، وضربت حيطان الفيس بوك عرض الحائط بما كان من حيطة وحذر وخوف من اذن ضابط ايقاع انفاس الشعب في المخابرات العربية !

في هذا العالم الافتراضي انت تفرض ما تريد وتقول ما يخطر في بالك بمجرد " بعبصة " سريعة من اصابعك على لوحة الكيبورد توصلك الى " بوست " تفرضه على الملايين من الافتراضين مثل حضرة جنابك !

ولأنه موقع " للتواصل الاجتماعي " عليك ان تكون فيسبوكي مقطع موصل تحلب من نملة لايك ، وتحصل على " رائع " ان عطست بوست من كلمة ونص!

في الفيس بوك انت تستطيع أن تكون ما تريد من شاعر كبير إلى مناضل عتيد بمجرد أن تكتب في البروفايل الصفة التي تصفو لك، والمنصب الذي يروق لك نصبه، والفيس بوك هو مثل كل المؤتمرات الحزبية سيد نفسه !

يحولك بلحظة من مرافق الى امين عام ، ومن اخرس الى ناطق رسمي ، ومن ملحد الى داعية ، ومن تلميذ كسول الى ناشط سياسي ، ومن ضابط مخابرات الى ناشط في جمعيات حقوق الانسان !

وفيه أيضا تستطيع أن تكون مجهولا وباسم مزور من "فارس الغرام" إلى "أردني وافتخر" أو أي جنسية عربية تسبق "افتخر" !

وتستطيع ايضا أن تتحول من ذكر إلى أنثى بلحظة وتتحول من عبد الجبار إلى سوسن ومن شاربين مفتولين إلى شفتين منفوختين بالسيلكون!

وتحولْ الفيس بوك من موقع للتواصل الاجتماعي الى موقع للتطاول الاجتماعي ، "تنكز " هذه وتلك ، و "تنط " على ان بوكس أي صديقة تضع لك " لايك " ويا ويلها من تقول لك : " رائع " فهي وقعت في غرامك من اول بوست ، وعليها ان لا تأكل ولا تشرب بس تتطلع على زناختك في بريدها الخاص !

في الفيس بوك انت في حمام مقطوعة مياهه الكل يصرخ العاشق والخائب ، الموالي والمعارض ، القومي والطائفي ، الوطني والجاسوس ، الكاتب وكاتب التقارير ، الشيعي والشيوعي ، من يحلف بسكسوكة لينين ومن يحلف بلحية حسن البنا الكل يصرخ وانت مثل " الاهبل " تتنقل من بوست الى بوست تضع لايك لقصة شعر سوسو تارة ولرأس مقطوع في يد مجاهد من جبهة النصرة تارة اخرى ، وعليك ان تصلي على النبي وانت ترى صورة حبة بندورة مكتوب عليها ماشاء الله ، او بندورة عليها الصليب ، او شجرة تركع وتصلي ، وانت مطالب دوما ان تعجب بصورة شاعر كبير صابغ شَعره وتقول له : منور !

وتتفهم كاتب كبير جدا لا يعجبه العجب لا يضع " لايك" الا على صور الجميلات في الفيس بوك !او شاعر عمره اقل من ثلاثين عاما يقدم نصائح للشعراء الشباب ، وعليك ان تعذر محجبة تضع في بروفايلها صورة نانسي عجرم ، وفلسطيني محروق قلبه على جوع مخيم اليرموك يضع صورة منسف .

في الفيس بوك كل شيء مباح في هذا العالم الافتراضي الذي يفرض عليك ان تدخله برجلك اليمين وتخرج منه وانت معاق على كرسي بعجلات!

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.