المطارات!

مطار

بوابات العواصم و أناقة صالون ضيوفها، نكهة النظرة الاولى حين تحط على مدرجاتها وانت تتنفس الصعداء بعد هبوط آمن حين تلامس عجلات طائرتك ارضها ، وتفك حزام خوفك ، وتمد خرطومها الى فم طائرتك " لتشفطك " الى قاعاتها الأنيقة ، لتعيش دهشة النظرة الاولى لعاصمة تستقبلك بابتسامة مضيفة ارضية اتقنت مستحضرات لانكوم مكياجها ، لتشير لك بأصبعها بطلاء الاظافر الاحمر الى خارطة طريقها بين قاعات الترانزيت وابواب دخولها !

مطار أي عاصمة هو دوما قطفتها الاولى على " راس السحارة " كما عودنا سوق الخضار الذي يضع افضل ثماره على راس " السحارة " دوما ، هو صالون البيت الانيق حين يستقبل ضيوفه بعيدا عن فوضى غرف البيت الاخرى..

والمطارات تملك من البلاهة ما يجعلها تعد السفر لغيرها وهي الوحيدة التي لا تسافر ، تتفرج على حقائب المسافرين ولا حقيبة لها تنتظرها طائرة مغادرة ، ولا لهفة لها بانتظار حبيب غائب تحط طائرته على صدرها ، هي مثل كل الجميلات الدلوعات ، مزركشة بجمالها ، ومشاعرها تملك من الحيادية ما يستفز فيك حمى الفضول وانت تمشط بنظراتك النهمة أناقة فستانها ، او ما تخفيه تحته من عاصمة كملابسها الداخلية !

امضيت سنوات طويلة اتأمل في المطارات التي وصلت اليها فيما مضى ، ومارست فيها ساعات طويلة من الانتظار الطويل بين الاقلاع والهبوط ، بين قاعات الترانزيت وبوابات عبورها ، بين اسواقها الحرة ، وحرية دخول اسواق عواصمها ، ولي في المطارات قصص من الخيبات حين كنت اتجول بوثيقة سفري الفلسطينية التي جعلتني امضي اياما طويلة على مقاعد الترانزيت بانتظار الحصول على اذن بالدخول ، او يتم ترحيلي الى حيث اتيت ورغم اوجاعي الفلسطينية في المطارات ، ولكني اجد متعة وانا امارس بها اناقة السفر الذي كان احيانا مثل المطارات يعد السفر للأخرين ولكنه لا يسافر بسبب وثيقة سفر فلسطينية لا تؤهل حاملها الدخول حتى الى الحمام !

هذا الصباح احدق بجواز سفري السويدي الذي يمنحني حق السفر الى المريخ ، وتنتابني حمى المطارات التي سافرت اليها بجنسيات ممنوحة من بلدان عربية مثل اليمن الجنوبي والجزائر ،حين منحت الفلسطينيين جوازات فخرية للتجول بها وكنت اتجول قبل حصولي على الجنسية السويدية بجواز سفري الجزائري، الذي فتح لي كفلسطيني ابواب العواصم المغلقة بعد سنوات مريرة من وثيقة السفر الفلسطينية ، التي جعلتني مواطنا في قاعات ترانزيت المطارات الشقيقة وغير الشقيقة ،
في هذا الصباح السويدي صحوت مصابا بحمى المطارات التي اشتقت اليها !

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.