هكذا يقول المناضل: "لا أعرف "

أحمد مناصرة

أحمد مدرسة صمود في التحقيق للكبار..

هل شاهدتم فيلم التحقيق مع أحمد مناصرة .

هل شاهدتم احمد مناصرة يصرخ بعالي الصوت : لا أعرف ..لا أذكر .. نسيت ..

ولكنه لم يشف غليلهم بقوله لهم : اكتبوا ما تشاءون فانا لا أذكر شيئا.

فهم يريدون منه ان يقول : أنا فلان وفعلت كذا وكذا وارسلني فلان آخر وأعرف هذا وذاك ...

صغيرٌ احمد ،طفلٌ غضُّ هو لا يزال .

غادر حضن أمه الدافئ إلى ميدان المعركة ..

عقروه هم وزلزلوا طفولته البريئة واقتادوه جريحا إلى أقبية التحقيق والتعذيب .

يقول احد الجلاوزة لآخر: لو قتلناه !
يقول آخر : إنما نحن قتلناه ولكنه هو لم يمت !! لم يمت ؟ يهمس بغيظ.

هو صغير ويحمل وجهه لون تراب فلسطين  وتشع من عينيه براءة قل نظيرها ، ولكنه يصرخ فيهم..
هل يشعر بالعجز أمامهم ؟

في التحقيق ، يقف الفلسطيني وحيدا ، ينتصب امام جلاديه وحيدا بلحمه ودمه وعظمه ، وقبالته تكون كل دولة الإحتلال بجبروتها وبساطيرها وإرادتها النافذة .

يكون الفلسطيني عاريا من كل سلاح سوى سلاح إرادة الصمود والإنتصار . هو سلاح ، ولكنه خفي عن أعين الجلادين ، هو سلاح مضمر في أعماق الأعماق .

أما قبالته : فيكون الجلادين ومعهم سياستهم القمعية وكل أدوات القمع والحرمان والقهر . هو في السجن وهم السجانون ، هم يسمحون بشربة الماء وبالذهاب إلى الحمام، هم يسمحون أو لا يسمحون له بحك جلده وقد لا يستطيع ويداه مربوطتان  .

هو يخفي إرادة التحدي لكل جبروت الإحتلال ..محققين ، مخابرات ، خدم المخابرات والمحققين ، شرطة السجن ، الزنازين ، الجوع والعطش ، آلام القيد وضيق الشَبْح وشدة التعذيب ،والحصار بالأسئلة وبالصراخ وكل أشكال الضغط والقهر .

وهم الحاوي يخرج من جيبه كل مرة شيء جديد عله يستنزف صمود  الفلسطيني ويقهر إرادته .

أما أحمد فإنه الغض الصغير مدفون في أتون هذا الوضع الرهيب والمعقد ولكنه يصرخ في سجانيه ، يصرخ بألم وربما يشعر بالوجع وربما يهزه الشوق إلى بيته وحضن أمه وهذا حقه بل إن هذا منسجم مع طبائع الأمور ولكنه يصرخ فيهم بأعلى صوته وينفي كل شيء ويعلن أنه لا يذكر أي شيء. فيسقَط في يد المحقق .

يقف ، يجلس ، ينظر إلى الأرض ثم إلى سقف العرفة ، يشعر بالصغار وبالغيظ وبالمرارة ، يشعر أن لا حول له ولا طول فينفجر غاضبا ويصرخ في أحمد الذي ظل محافظا وثابتا على موقفه .

يهاجمه المحقق محاطا بكل جبروت الإحتلال ، يهاجمه بالصور والثبوتيات . ولكن أحمد يصرخ ولا يعترف ويعلن انه لا يذكر شيئا .

فيهتز موقف المحقق الجبار أمام أحمد الطفل الغض الصغير . فيعود للسؤال البارد الغبي : لماذا لم نقتله ؟يقول في نفسه .

وعندما ترى أحمد  ماشيا وهم ينقلوه من مكان إلى مكان تشعر انك ترى أسدا هصورا ولسان حاله يستهزيء بهم وبكل جبروتهم وتعذيبهم .

ثابت الخطو ومرفوع الهامة وكانه يقول لهم وهو بحجمه الصغير : قامتي أعلى من قامتك وصدري أعلى من صدوركم ؟

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.