الله يغضب عليك يا بلفور!

وعد بلفور

لولا وعدك المشؤوم لشربت قهوتي هذا الصباح وانا اغطس رجلاي في بحر يافا ، واحفادي ( ينطون ) حولي على رمل شاطئ العجمي على انغام ( الدلعونا ) !

لولاك يا خواجة بلفور سأكون مثل كل شعوب الارض ، لي مسقط رأس لا يسقط مني ، ولي بلاد تحتضن ميلادي ، و( يتشعبط ) على زيتونها اولاد اولادي ، وانمو مثل الزعتر والطيون والخبيزة في قريتي ( الشجرة ) القرية الجليلية في منتصف الطريق بين الناصرة وطبريا !

ماذا يفعل فلاح فلسطيني من قرية في الجليل مثلي هنا في السويد هذه البلاد الاسكندنافية الباردة ؟

كيف ينمو الزعتر البري على شواطئ البلطيق وهل يمكن ( للفيكنج ) ان يرقص الدلعونا ؟

ليس المطلوب منك الاجابة يا سيد بلفور ، قد يكون من البلاهة توجيه الاسئلة لعظامك وهي رميم !

كل ما احاوله يا سيد بلفور هو معالجة الجغرافيا من وجع التاريخ في هذا الصباح الاسكندنافي الملبد بالغربة ، او ربما محاولة لتحضير ارواح لبلاد راحت من بين ايدينا في سوء تفاهم بين الارض والسماء في صراع اولاد ابراهيم على اورشليم !

الله يغضب عليك يا بلفور !

انت غراب نكبتنا الذي نعق من قصره ( اللندني ) فتشردنا في بلاد ليست بلادنا ، وصرنا الشعب الوحيد في الدنيا الذي وطنه فقط في الذاكرة ، وطن شفوي يا بلفور يرسم صورته الاجداد للأحفاد وينمو كأحلام اليقظة !

في هذا الصباح اصحو انا الفلسطيني الستيني في مدينة جنوب السويد في اخر الارض لأكتب لعظامك وهي رميم ما قد يرمم ما في الذاكرة من مرارة انت اول من فتح جرحها!

ماذا اقول لحفيدي يا بلفور الذي كل يوم يسألني :

اذا كنت انا فلسطيني ليش انا سويدي ؟
ليس مطلوبا منك الاجابة ايها المقبور ، مادام الاحياء في ضمير هذا العالم الحي يتهربون من الاجابة على سؤال حفيدي !

الله يغضب عليك يا بلفور لقد ( بلفت ) بلادنا واعطيتها لافيخاي ادرعي الذي يطل علينا كل يوم ويبشرنا بتصاريح لزيارة يافا ويحدد لنا من يصلي في الاقصى ، و من يحق له ان يتناول العشاء في مطعم تشرين بالناصرة ، ويلتقط الصور قرب سور عكا ! وووووو !

استيقظ حفيدي الان يا بلفور هذا الطفل الفلسطيني من قرية في الجليل ليشرب الحليب مع الشوكولا ويتفرج على توم وجيري ويضحك على صراع لا يسيل منه الدم ليسألني :

جدو ليش انت مكشر اليوم ؟

سأقول له يا بلفور السبب ، ونردد انا وهو في ذكرى وعدك المشؤوم : الله يغضب عليك يا بلفور !

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.