سورية تشاء أن تبقى.. فهل الشعب يشاء؟!

مؤمنة المصري

طوال عمري كنت أكره الرحيل وأتألم منه بشدة...كنت أشعر أن الولادة حتى ليست قدوماً بل هي رحيل لأننا نرحل عن رحم دافئ آمن لنا وحدنا..

رأيت أن الحياة يملؤها الرحيل...نرحل من طفولتنا إلى المدرسة نغادر الطفولة إلى الشباب ومنه للشيخوخة ..

نحب ونرحل عن الحبيب أو يرحل هو... نرحل ونودع أكثر من أن نعود ...وفي كل رحيل ألم و ربما أمل جديد...ودموع وأحزان ولكن أمل..

كنت دائما أبتلع ألم الرحيل بغصة أمل ممكن... لكن اليوم رحيل آخر بغصة خانقة..

كنت أظن أننا نرحل عن الوطن ونغترب...لكن لم أكن أعرف أن الوطن قد يرحل عنا..

وهو والله أقسى أنواع الرحيل...لأن الوطن عندما يرحل أمامك يعريك تماماً..

يرحل ببطىء ويلتفت إلى الوراء كثيراً وعيونه وسماؤه كلها عتب ..

عتب يعتصر الروح....يطعن قلبك ويقتلك في كل خطوة يخطوها بعيداً عنك...

يرميك في تيه اليتم الحقيقي...اليتم الأقصى في حده الأقصى..

ما أقسى رحيل الوطن!!! والوطن لايرحل إلا إن شاء الشعب" لأن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

شعب يمتلك مقومات خرابه في داخله، شعب لا زال بعد ضياع وطنه بكل مافيه ينادي بإبادة طائفة ما ..

شعب يقبّل أيادي شيخ أو زعيم ، أو أمير عشيرة أو كتيبة أو قبيلة لن تقوم له قائمة..

شعب يحلف بمعاوية وعمر وعلي لن يعرف معنى الوطن..

شعب يرتدي رموزاً مذهبية وطائفية على جلده من زينة ووشوم لتعزيز التفرقة والشتات لن تقوم له قائمة..

شعب لا يعرف التقشف خلال الحرب، شعب يتذمر حول كل شيء ولا يقدم شيء لن تقوم له قائمة..

لن يعود الوطن إذا لم نعد نحن إلى رشدنا، وعقلنا ونتخلص من آفاتنا الذاتية وطائفيتنا ، وكل ما يفرقنا ويشرذمنا.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.