علي ربيع ... نموذج جديد للكوميديا المبتذلة

علي ربيعد

بعين الفنان الفاحصة الدقيقة, التقطه أشرف عبد الباقي لينضم إلي فريق عمل ( تياترو مصر ) الذي بدأ عرضه يناير عام 2013 علي مسرح جامعة مصر في تجربة مسرحية فريدة من نوعها، بعد عدة تجارب سينمائية وتليفزيونية قليلة، لم يتمكن من خلالهم إظهار موهبته للجمهور بشكل كافِ 

فنان صاحب قبول ملحوظ وطله مميزة وحس فكاهي عال، حركاته الانفعالية الكوميدية وطريقة كلامه المتقطعة وحضوره القوي علي المسرح، ثمة مقومات جعلته في فترة قصيرة واحداً من أكثر الفنانين شعبية وجماهيرية في مصر ومختلف أنحاء الدول العربية،نجح في خطف أعين المشاهدين والالتفات إليه بقوة بعد تقليده للرئيس السابق حسني مبارك في أول مسرحية له     ضمن عروض تياترو مصر 

بهذه المشاركة، اقتحم (علي ربيع) عالم الفن من أوسع أبوابه بصُحبة فنان قدير مبدع لم يكن الحظ حليفاً له في عالم السينما، كما واصل تقليد العديد من الشخصيات العامة ببراعة مثل مدحت شلبي و محمد منير وتقديم مشاهد كوميدية مميزة نالت إعجاب الجمهور وحققت له صدي واسع لاسيما عند الشباب والأطفال  

ضَحكنا كثيراً علي ( إيفهاته ) و خروجه عن النص وأدهشنا أدائه المسرحي الذي يتسم بالعشوائية الخلاقة، لكن السؤال المهم الذي يتداوله الكثيرون من متابعيه الآن .... ماذا بعد كل ذلك ؟ لماذا يصمم (علي ربيع) علي أن يحصر نفسه في أدوار مكررة سخيفة في غاية الرداءة ؟

من الضروري أن يعي انه حان الوقت للتغيير والتنوع، والخروج من عباءة دور الشخص
(الأهبل ) الساذج المثير للضحك والسخرية، عليه أن يٌحسن اختيار الأعمال التي يقدمها وعدم رفع شعار مرحلة الانتشار الفني التي طالما رفعها من قبله الكثيرون من ذوي الموهبة المحدودة أو الناقصة، مازلت أتذكر جيداً تعليق أحد النقاد علي مسيرة سعاد حسني المزخمة بالإبداعات والنجاحات، ذلك النجاح الذي لا يعود فقط إلي موهبة سعاد حسني الفذة ، ولكن أيضا إلي مساعدة أصدقائها المثقفين والفنانين الواعيين لها، حيث يذكر أن السندريلا لم تكن علي ثقافة رفيعة تمنحها قدرة حكيمة في الاختيار، هذا ما يفتقده بكل بساطة علي ربيع، فهو في حاجه ماسة إلي التوجيه الصحيح والتوظيف السليم
وقَع (علي ربيع) مثله مثل عدد كبير من الفنانين في فخ التكرار والتقليد، بجانب فقدانه القدرة على التعبير، فبعد أن تهافت عليه صناع الدراما التلفزيونية في محاولة منهم للاستفادة من نجاحه في فيلم كابتن مصر ، الفيلم الذي تم عرضه في موسم شم النسيم الماضي والذي بلغت إيراداته ما يقرب من 20مليون جنيه ، في نقلة مفاجئة تحول من مجرد ممثل مسرحي يجيد إضحاك الجمهور إلي ( فرخة بكشك ) لدي المخرجين فقد شارك في المارثون الرمضاني بثلاثة أعمال درامية دفعة واحدة

حيث طَل (علي ربيع) علي جمهوره بنموذج نمطي يتصف بقدر كبير من الابتذال والجمود، تكاد تكون كافة الملامح والتفصيلات الفنية غائبة فيه وليست حاضرة، إذ قدم نفس الأداء وطريقة الكلام وملامح الوجه التي ترتسم عليها حالة من عدم الفهم والغباء، حتي لو اختلفت المٌسميات والتوصيفات، فتارة نراه باسم ( أيمن ) الطالب الفاشل في دراسته الذي لا يبالي بأي شئ سوي التهكم علي الجميع وتحطيم طموحات شقيقته الكبري التي يشاركها الغناء وبعض الاستعراضات في مسلسل ( لهفة )، وتارة نراه باسم ( هٌدهٌد ) في مسلسل ( مولانا العاشق ) في دور باهت لا يليق تماماً بمستوي أداءه في الأعمال السابقة، وتارة باسم ( مجدي ) في مسلسل (أستاذ ورئيس قسم) الذي كتبه المؤلف يوسف معاطي خصيصاً لعادل إمام دون مراعاة لبقية الشخصيات في (كليشيه) محفوظ اعتدنا علي مشاهدته، ظهر (علي ربيع) غير قادر علي الإلمام بخيوط شخصية الطالب الثوري الذي يمتلك فكرًا وثقافة سياسية هائلة  
  شهد الموسم الرمضاني الجاري انحدار مدوي غير متوقع في منحني أداء (علي ربيع)، في إشارة قوية إلي أن الجمهور لم يعد يضحك علي الكوميديا الفجة المصنوعة للضحك فقط والخالية من أي مضمون راق ومبتكر، الممثل الجيد هو ليس فقط الذي يدرك الحياة حق الإدراك ويطوعها في خدمة الشخصية التي يجسدها دارساً بشكل مكثف وعميق تفاصيلها وأبعادها وإنما هو من يجيد أيضاً الدقة في اختيار الأدوار           

هل سيأتي اليوم الذي نجد علي ربيع يلعب دوراً تراجيدياً درامياً خالصاً ؟ كما شاهدنا مُكتشفه أشرف عبد الباقي منذ ما يقرب من 15 عاماً ودوره البديع في فيلم ( جبر الخواطر ) احدي روائع عاطف الطيب السينمائية المظلومة 
 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.