غزة المنسيّة !

غزة

خاصرة فلسطين الموجوعة بين الرمل والبحر ، اسيرة فلسطينية منسيّة في سجنها بين معبرين ، معبر العدو ومعبر الشقيق ، حلم رابين ان يصحو وقد ابتلعها البحر ، وخيبة جرافة شارون وهي تجرف المستوطنات عن ارضها وترحل !

لا شيء يشبه غزة الا غزة ، تملك من المفارقات ما يجعلها دوما منفردة في تفردها ، اسيرة تطلق اسرى ، ومحاصرة تحتجز تل ابيب في ملجأ ، تُدمر أنفاقها الى مصر فتحفر أنفاقها الى عسقلان ، تعجز عن ادخال علبة بسكويت من مصر ، وتفلح بإدخال صاروخ فجر من ايران ، تخوض حروبها وتُدمر ابراجها ، وتخرج من تحت الانقاض ترفع شارة النصر ، ولأنها غزة فهي لا تُهزم ولا تنتصر ، وتتقن فن البقاء في الخبر العاجل ، وتقرير المراسل بالخوذة الحديدية ، وتمارس عزلتها اليومية بين رمل ترملها ، وبين بحر لا يبحر بها الا بيافطة كتبت عليها حلم يقظتها بميناء ، تشوي عرانيس الذرة على رصيف ميناء لا ميناء فيه ، وتعود الى بيت الطاعة لولاة امرها ولا يدفعون لها النفقة ، وبين الصراف الآلي والصراف الالهي ، تحاول غزة المنسيّة تدبير لقمة خبز عيشها بين لحية ومسبحة تسبح بحمد رايتها الخضراء ، التي تأخذها الى الحرب كل سنتين وتتركها تحت الركام ، لتحتفل بنصرها ، ولأنها غزة التي لا تُهزم ولا تنتصر ولا هي تشرب البحر، ولا البحر يبتلعها ولأنها " القطاع " الذي يقطع به الجميع تخترع حياتها بطريقتها بنكهة غزية بطعم الفلفل الحار الذي يلتهمه ابنها محبوب العرب محمد عساف تضامنا معها على شاشات التلفزيون ، وتدلق سطل رمل على رأس ايمن العلول ، وتعود الى ترملها لكي تقرأ تحذيرا من وزارة داخليتها بعدم اظهار مشاعرها لكونها نقطة ضعف يستفيد منها العدو ويحولها الى جاسوسة تتجسس عليها ، ولأنها غزة التي تمسك بيدها اولادها و تقدمها لعمليات الفصائل الاستشهادية لا يجوز لعدوها ان يرى دمعتها على مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ، بينما ، تحوم الزنانة فوق راسها على مدار 24 ساعة ، على غزة ان تتوجع بصمت ولا تقول آخ وهي تبتر يدها في مستشفى الشفاء ، وتبتسم طفلة بأطرافها الصناعية امام عدسة المراسل الاجنبي لكي لا يستفيد ضابط مخابرات في تل ابيب من نقطة ضعفها، وعلى غزة ان لا تتذمر من انقطاع التيار الكهربائي وهي تملك نور ايمان التيار الاسلامي ، وتسبح بحمد خالد مشعل وهي " مطفية " وتعلق صور امير قطر وارد وغان في شوارعها وتنام على لحم بطنها ، لتستيقظ في الصباح على المهدي المنتظر يجوب شوارع رفح ، وعلى غزة ان تقضم فلفلها الحار مثل الخيار الذي لا يجعلها قادرة على الاختيار بين شعب الجبارين وشعب المشحّرين في فصائل قررت ان تأخذ شعبها الى القدس " شهداء بالملايين " !

غزة المنسيّة اسيرتنا الفلسطينية بين معبرين معبر العدو ومعبر الشقيق مطلوب منها ان تذرف عبرات دموعها بصمت ولا تعبّر عن مشاعرها ، لكي لا تكون نقطة ضعف يستغلها عدوها ، ويجندها لتخون نفسها وهي مقطوعة الانفاس !

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.