أن يكون قلمك مشنوقاً أفضل من أن يكون مدفوع الأجر!

لا يمكن أن يحيا الإنسان بلا حرية، وإلا فإنه سيكون ميت في صورة إنسان حيّ. والحرية لا تعني حرية الجسد، وإنما حرية الروح والعقل.

الكتابة فعل من أفعال الحرية، فهي تعزز حرية الروح والعقل. هذا بالطبع إن كان القلم حراً وسيّد نفسه ولا سيِّد عليه.

بالقلم الحر يكون الإبداع والتجديد، بالقلم الحر تكون النهضة والثورة، وما أحوجنا نحن العرب للقلم الحر!

القلم العربي يواجه أنظمة قمعيّة، يواجه أقلاماً مدفوعة الأجر، ولكن ما زالت هناك أقلام عربية ثابتة لا تهتم بالتراخيص وتفضل أن تُشنق على أن تكون مدفوعة الأجر.

الأقلام المدفوعة الأجر هي وجه آخر من أوجه الخيانة، يمكن أن نطلق عليها "الخيانة الثقافية"، وهي قد تكون أخطر من الخيانة السياسية لما فيها من آثار هدامة على المجتمع وتلويث للأفكار، الأمر الذي يمكن أن يكون أثره دائم وليس لحظي.

ببساطة فإن الأنظمة العربية تتعامل مع القلم العربي وكأنه مقاول يحتاج إلى رخصة بناء. ولكن القلم لا يحتاج تراخيص، فهو لا يبني عمارات وإنما يبني أفكار، والأفكار تبني سياسات، والسياسات تنهض بالأمة وتطورها.

ليس المهم أن يكون ما يكتبه القلم صحيحاً! ولكن المهم أن يثير الأسئلة وأن يكون مستفزاً ويقلق مضجع السلطة الحاكمة، فالأفكار المقنعة تنتصر دوماً على الأفكار السلطوية التي لا تعرف سوى لغة الرصاص.

ما دمت تكتب بلا شرط ولا قيد، فأنت ذي إرادة حرة، وذي سلاح قد يكون الأقوى في هذا الزمن. والكتابة في كثير من الأحيان تكون بغية الشعور بالحرية، فالحياة المقيدة التي نعيشها تجعلنا نشعر بثقل على ظهورنا وتكسر في ضلوعنا.

حينما يُشنق قلمك، تأكد أن هناك إخفاق سلطوي وأنت كشفته، فالقلم الحر هو الذي يتجاوز المحظور (بالنسبة للسلطة)، وهو الذي يكون الوسيط بين الشعب والسلطة الحاكمة.

اختتم عمر المختار حياته بكلمات استثنائية حينما قال: "أما أنا فإن حياتي ستكون أطول من حياة شانقي".

وأنا أختتم مقالتي بالقول: "أفكار القلم الحر ستكون حياتها أطول من حياة شانقيه، فأيها العربي احرص على أن يكون قلمك مشنوقاً أفضل من أن يكون مدفوع الأجر!"

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.