كم أحبك يا بلادي؟!!

أحبك بعدد العبوات الناسفة والسيارات المفخخة المركونة تحت كل جسر، وأمام كل مسجد وكنيسة ومدرسة، وقرب كل مفترق، من العراق إلى سوريا إلى لبنان ...

أحبك بعدد الرصاص الذي أطلقه العرب على بعضهم البعض خلال المئة سنة الأخيرة... تحت بند "ساعة شيطان" أو "خلافات بين الأشقاء"...

أحبك بعدد الاغتيالات السياسية التي مارسها أبناؤك بحق بعضهم البعض...

أحبك بعدد الفضائيات التي تتسلى علينا ونتسلى عليها على مدار الساعة، وبعدد ما تخلفه فينا من عقد نفسية وانحرافات مزاجية لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم...

أحبك بعدد رايات برشلونة وريال مدريد المرفوعة في ربوع الوطن... وبعدد المعارك التي تنشب بسبب فوز هذا الفريق أو ذاك...

أحبك يا بلادي بعدد الممنوعين من السفر والعالقين على الحدود والمدعوين "لشرب القهوة" لدى الجهات المختصة المرابطة من المحيط إلى الخليج...

أحبك بعدد كتب الطبخ والأبراج وتخفيف الوزن والجمال والرشاقة والخيانة الزوجية والشعوذة والسحر المنتشرة في المكتبات...

أحبك بعدد الأكف التي ألقاها أصحابها على المصاحف في حفل رسمي وأقسموا -على الهواء مباشرة- على تحويل الوطن إلى جنة عدن... ثم رجعوا في كلامهم!

أحبك بعدد ما فيك من شوارع ... وما فيها من حفر ومطبات وسيارات مشطوبة...

أحبك بقدر ما يعشق الأعراب عروض الأزياء ومسابقات ملكات الجمال والرقص الشرقي... الرقص على أنغام المدافع وقصف الطائرات...

أحبك بعدد البراميل المتفجرة التي تحرق سوريا، وبراميل النفط التي تغرق الخليج... وبعدد البراميل البشرية التي تتحكم بمستقبلنا...

أحبك بعدد الحكم والأمثال التي نرددها صباح مساء، والأقوال المأثورة التي تحرك الصخر... ولكنها لا تحرك فينا شيئاً...

أحبك يا بلادي بعدد النكسات وخيبات الأمل والإهانات التي أصبحت علامة تجارية مسجلة للعرب

 لدينا وكالة حصرية في خيبات الأمل تمنع غير العرب من تداولها، تحت طائلة القانون...

أحبك بعدد السماسرة والمروجين وتجار الأسلحة والأدوية الفاسدة والأغذية الفاسدة...وما يقابلهم من شهداء وجرحى وأسرى ومفكرين ومناضلين وشرفاء...

أحبك يا بلادي بقدر ما يتمنون لك الموت وبقدر ما تصرين أنتِ على الحياة...

بلادي يا معجزة طبية... بعد مئة عام من النزيف لا زلت ترسلين إشارات الحياة!!

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.