الزاني والزانية ومستخدم الفيسبوك.. هذا ما جاء في دستور "داعش" الإسلامي

داعش

من المؤكد أن مارك زوكربيرج عندما ابتكر في كمبريدج قبل عشر سنوات شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر "فيسبوك"، لم يخطر بباله أنه سيتسبب بعد عقد من الزمن في موت فطوم الجاسم رجما بالحجارة.

من الظلم أن نقول أن "فايسبوك" هو السبب في ذلك. القصة جرت في مدينة الرقة في شمال سوريا، وهي مدينة يسيطر عليها ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، أو بكلمات مباشرة أسوأ أنواع المجانين الذين ضبطوا الفتاة فطوم الجاسم وهي ترتكب جريمة نكراء، حيث كانت تستخدم حسابها الشخصي على فايسبوك.

فما كان منهم إلا أن اقتادوها إلى ما يسمونه محكمتهم الشرعية، حيث اعتبر (القاضي) أن جريمة فطوم هي فعل مشابه للزنا، ولا تسألوني كيف ؟ ولماذا ؟ فإنهم مبتلون بعقليات ومنطق يتجاوز الفهم، ومن ثم قاموا برجمها حتى الموت.
جريمة بشعة في مدينة شاءت الصدف أن أزورها قبل عقود عندما كانت بها عدة دور سينما ومطاعم في حدائق حيث يتناول الزبائن وجباتهم مع مشروب العرق دون أي حرج.

بعيدا عن الذكريات الشخصية، تكشف هذه القصة عن العلاقة المعقدة والمضطربة للإسلاميين بالشبكة الدولية وشبكات التواصل الاجتماعي والتي يستخدمونها بدءاً من "الإخوان المسلمين" وحتى تنظيم "القاعدة" بصورة مكثفة للتجنيد والتنظيم والتحريض والدعاية، بل وحتى للتدريب على صناعة القنابل واستخدامها، فما هذا التناقض؟

لا أعتقد أن هناك أي تناقض، ذلك إنهم يعتبرون الإنترنت أداة مباركة طالما كانوا هم من يديرون ما يقال على صفحاتهم ويحققون أهدافهم من خلالها، ولكن فور أن يستخدمها الأفراد بصورة شخصية وينشئون صفحاتهم الخاصة التي ستتحول بالضرورة لساحات للحوار والنقاش مع آخرين، تصبح خطرا كبيرا على هذه التنظيمات، ذلك إن منطق وعقلية الخلاف والجدل الذي تقوم عليه تكنولوجيا الاتصالات هذه تتناقض جذريا مع منطق وعقلية السمع والطاعة لدى الإسلاميين.
وإذا ذهبنا إلى أبعد من ذلك، فإن المنطق الذي تقوم عليه تكنولوجيا الاتصالات يتناقض مع النظام القديم بمجمله. ولذلك كانت أداة فعالة في يد الشباب أثناء الربيع العربي، لا يمكن ل"الإخوان" أو الإسلاميين أو حتى أنصار النظام القديم الحكم اليوم في ظل الشبكة الدولية، ذلك أنهم بدءوا في الانحدار والضعف والتلاشي منذ انفتاح الشبكة على المستخدمين العاديين.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.