اجتماع الثوري والأبراشي..الرئيس ودحلان..من "سيسي" أكثر؟

أسابيعٌ مرت على جولةٍ من التصعيد كان الرئيس محمود عباس والقيادي المفصول من فتح محمد دحلان أبطالها، وكانت نيرانها ترتد نحو الداخل الفلسطيني، موقعةَ خسائر جديدة في الصورة الوطنية الفلسطينية بشكل عام وليس بحركة فتح فقط.

ورغم أن الأمر مرت علي أسابيع وأن النفوس راقت قليلاً إلا إنه لا بد من كلمةٍ تقال في هذا المقام لبيان السبب وأخذ العبرة كما علمنا رواد الأدب، فقد كشفت التسريبات من مقربين من الطرفين أن السبب الحقيقي وراء كل ما جرى في جولة التصعيد الأخيرة بين الرجلين هو وزير الدفاع المصري السابق والمرشح الحالي للرئاسة في مصر عبد الفتاح السيسي.

وكما يروي المقربون فقد نقل دحلان إلى السيسي أن الرئيس تطاول عليه في اجتماع المجلس الثوري الأخير، في نفس الوقت الذي نقل فيه مقربون من دحلان له أن الرئيس صال وجال في ساحته، ولم يبق أي اتهامٍ أو تخوينٍ إلا وجاء به بحقه.

وحين وصل للرئيس من مصادر مصرية أنهم يعتبون عليه تصريحاته التي قيلت إنه صرح بها خلال اجتماع الثوري عن السيسي، فثارت ثائرته، وأمر ببث التسجيل المصور للاجتماع كاملاً، دون أي تقدير لما يمكن أن تحمله هذه الخطوة من ضربة قوية لفتح، لما تحويه مثل هذه الاجتماعات من حقائق ومشاكل داخلية لا يعلم بها إلا أعضاء الثوري أنفسهم.

ووفقاً لما قالته مصادر مطلعة فإن خطوة الرئيس وعلى الرغم من خطورتها على فتح إلا أنها أثبتت للسيسي والمصريين عدم صحة من نقل إليهم.

وهناك بدأت جولة رد من قبل دحلان على الاتهامات الموجهة له، فلم يجد له أفضل من الإعلامي المصري وائل الأبراشي ليخرج معه عبر شاشة دريم، في حوارٍ بدا واضحاً فيه حجم التنسيق بين المقدم والضيف في الأسئلة والأجوية وحتى عبارات الاستهزاء بالرئيس وبعض رموز السلطة الفلسطينية.

وبعيداً عن التفاصيل الصغيرة وما عقبها من ردود فعل، فقد حرص دحلان أيضاَ أكثر من مرة خلال رده على تأكيد ولائه للسيسي، متغنياً بحكمته ووطنيته، وردت الرئاسة الفلسطينية على ذلك بالتواصل مع السفارة المصرية في رام الله وتأكيد الولاء أيضاَ، وكأن الطرفان نسيا ما يتراشقان به من اتهامات وبات الأمر الأهم هو إرضاء السيسي، كيف لا وأحمد عساف الناطق باسم فتح لم يقبل إلا أن يكون رده عبر فضائية مصرية رغم أنه كان يستطيع الخروج عبر فضائية فلسطين وأن يدلي بما لديه، إلا أنه أصر ورغم منعه من الخروج عبر دريم المنبر الذي خرج عليه دخلان، فحرص على الخروج في أي منبر مصري آخر، وكانت له فرصة في فضائية مغمورة تدعى "صدى البلد" ولم يفوت تلك الفرصة.

ولعل كل ما جرى يوضح مدى حالة التراجع التي وصلت لها بعض القيادات الفلسطينية حين يكون تقربها إلى بعض القادة في الأقطار المحيطة أهم إليها من الحفاظ على أحزابها وبيتها الداخلي، وهو نا نراه حالياً في حركة فتح، فبدل أن يكون التنافس على  "من يحب فلسطين أكثر؟" أصبح "من سيسي أكثر؟". 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.