بلوك لبروفايل الشهيد ساجي!

 

كنت وصلت من رام الله إلى المنزل قرب طولكرم، بعد يوم دوام طويل محوره استشهاد القاضي رائد زعيتر من نابلس على معبر الكرامة.

عندها علمت من زملائي بنبأ ارتقاء شهيد ثان قرب رام الله، وبعدها بقليل علمت أن اسمه ساجي صايل درويش.

رأيت صورة له ممدا عاري الصدر وتغطيه الدماء ...كان ممدا بسلام كأنه نائم ..ياالله شهيد آخر!

صرت أتخيل عائلته وكيف علمت باستشهاده وماذا تقول الآن وهي تبكيه أمه.

 

هي الأفكار التي أتتنى عندما استشهد قبله بساعات القاضي زعيتر، وقبله بأيام في بيرزيت معتز وشحة،  وكل شهيد يأتينا نكتبه خبراً!

لا أخفي أنني دائماً بعد التأكد من اسم شهيد وتفاصيله أبحث عن حسابه على فيسبوك، وفي مرات كثيره أجده وبقدر ما تسمح إعدادات الخصوصية أنظر إلى صوره أتأمل وجهه وأقرأ ما كتبه، إلا بروفايل\حساب ساجي هو جاء إلي !

 

ياالله يا ساجي، هو طالب إعلام في السنة الثانية بجامعة بيرزيت، أنا لا أعرفه ولم أره ولو حتى صدفة يوماً، لكنني بكيته في كل مرة رأيت صوره وقرأت كلامه.

أظنها ليس مصادفة أن نجد عبارة مضمونها أن الذي هو الشهيد الآن، كان تمنى الشهادة من قبل وذكرها وتغنى بها وتراءت له والدته تبكيه وطلب من يواسيها

حقا هل يعلم الشهداء أنهم سيستشهدون؟؟؟

هذا البروفايل مليء! فيه الكثير ..ساجي فارسٌ يعانق فرسه وصديقٌ وزميلٌ خفيف الظل يضحك ضحكة واسعة من كل قلبه، وجهه بشوش تبتسم له تلقائيا حين تراه 

هذا البروفايل يعرِّفُنا به ويدلل على حجم الخسارة في فقده، هو ليس فقط شهيداً محمولاً على أكتاف مئات الغاضبين، يلفه العلم وتتوّجه  الكوفيه، لا ترى بين الوجوه إلا وجهه، وهذا العرس عرسه، أنت رأيته وألِفْتَ ملامحه لكنك في كل صورة خلال تشييعه تتأمله!

هذا البروفايل لو لم يكنْ لما عرفناه هكذا وما بكيناه هكذا أيضاً، البروفايل يختفي بـ "بلوك"، إلا أن ساجي باقٍ بكل تفاصيله.

 

لست الوحيدة أعلم! أنتم أيضا رأيتم ودخلتم الحساب أكثر من مرة!

ندخله من حين لحين كأننا نسينا شيئا ..نظن أننا فوتنا قديماً أو ندخل ننتظر جديداً!

ياالله يا ساجي إن الله كرمك، بحبنا لك دون أن نعرفك ..بالآلاف في جامعتك يصطفون لمرورك محمولا على الأكتاف ..حينما تنكّس كل الوجوه إلّا وجهُك

 
 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.