إعتصامات طلبة الإعلام من الشخصية إلى رعاية الأحزاب الوطنية

قد لا يكون سهلاً أن أقف أمام أولئك الذين أحبوا الظهور والبروز على أكتاف الآخرين، لكن في الوقت نفسه لم يكن من الممكن أن أقف حيادية الرأي أمام ما جرى اليوم، رغم أنني التزمت الصمت والحياد جراء ما حدث هناك، ووقفت على الحياد لأرى إحدى المهازل التي تحدث في بيرزيت وتحديداً على أدراج الإعلام الجديد .

اليوم لم يكن كغيره من الأيام، فقد سجل التاريخ حدثاً تمركز في دائرة الإعلام بجامعة بيرزيت لم يسبق له أن حدث بهذا العنف والهمجية ليمتد تحت أغطية العباءات التنظيمية، لكن على ما يبدو أن  جيلاً جديداً  يظهر كصحون جميلة بلا مضمون .

وما بين المؤيد والمعارض تشتت أفكار المحايدين، وصُدموا لهول همجية البعض في التعبير عن ما يسموه مطالبة بحرية التعبير عن الرأي . فـعن أي حرية يتحدثون ؟

للتتعالى الهتافات والشعارات التي كانت برعاية أحد الأحزاب الوطنية في جامعة بيرزيت وبتنظيم من بعض طلبة الدائرة مطالبين بإنصاف إحدى الطالبات التي خلعت عباءة المنطق والإحترام بحجة التعبير عن الرأي متناسيةً أنه ( تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين  وبأن من علمنا حرفا كنا له عبدا ( وليست بمعنى العبيد إنما بمعنى الإحترام والتقدير) وأن ما منطق ولا تربية ولا أخلاق تسمح بأن نُشَهر بالآخرين ونطلق عليهم مصطلحات لا توصف ولا تَصدر إلا ممن تعلموا الأشياء بطريقة معاكسة وفهموا الحرية بطريقة خاطئة .  .

لم يخطئ من قال بأننا "شعب بينه وبين التفاهم في سوء تفاهم"، نحن ندرس الحريات والآراء والتعبير والحق في مطالبة الحرية لكن لم يصدف لنا أن قرأنا عن مطالبة الحق بطريقة الشتم والإستفزاز وقلة الإحترام  لكن يبدو أنها أصبحت حجة من ليس لديه حجة.

ليس غريباً أن تحدث المشاكل الشخصية والأكاديمية في الكليات الجامعية أو بالأحرى هي أمور طبيعية تحدث في كل الدوائر الجامعية وفي كل العالم وكان الأجدر بالجميع العمل بجهد أكبر لتبقى المشكلة داخل الأسوار بغض النظر عن المسؤول عن تصدير المشكلة للخارج، لكن كان من المشين جداً أن نتلحف بالأحزاب الوطنية التي باتت تتدخل في كل كبيرة وصغيرة وأن ننتظر منها التدخل لقيادة الإعتصامات الشخصية من أجل التشهير.

لقد أصبحنا جيلاً بلا رأي ولا منطق، أصبحنا شعباً سياسياً أكثر من اللازم، مسيسون بلا وعي، ومنقادون كالقطيع  لدرجة أننا لا نتخلى عن الأحزاب الوطنية والتي أفضل أن أُسميها بالتقسيمية حتى في أبسط الأمور الشخصية . تدخلهم قبل أن يكون في مصلحة الطالب هو دعاية رسمية بإمتياز على حساب سمعة الجامعة وطلبتها ولحساب جيوبهم الإنتخابية التي إقتربت  .

وبإعتقادي لا بد لنا أن نعي أكثر ما يدور حولنا من لَعب لا يليق بنا كطلبة في جامعة بيرزيت التي لم تُعرف يوماً إلا صرحاً أكاديميا شامخـاً وهي تتطلب منا وعياً أكبر حتى لا تنحدر نزولاً نحو الهاوية .

وما هو مؤسفٌ ليس فقط أن تكون إعتصاماتنا برعاية الأحزاب الوطنية ، بل ما تركوه خلفهم من بقايا إعتصامهم ما يدلل أن " إعتصامهم وما يهتفون به لا قيمه له عندهم".

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.