تبادل الأراضي والعرض الإنهزامي

 ”إن وزراء الخارجية العرب قد أبدوا استعداداتهم خلال لقاءات أجروها في واشنطن لتبني مخطط تبادل الأراضي في اطار اتفاق اسرائيلي فلسطيني، ما يعني الموافقة على إبقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة تحت السيطرة الاسرائيلية“.هذا ما قالته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في عددها الصادر بتاريخ 30 أبريل، 2013,على لسان رئيس وزراء دولة قطر -رئيس لجنة المتابعة العربية,
ربما  ظن الوفد الزائر لواشنطن بحضرة امين عام جامعة الدول العربية" قومي التوجه" أن هكذا عرض سيحقق الهدف المنشود المتمثل بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية "67" ,وربما أيضا لم يدرك "زوار واشنطن "أن مبادرتهم تلك ستدخل القضية الفلسطينية في "دوامة مساوامات" لن تنتهي سوى بإفراغها من ما تبقي من محتوي,,   
وإذا ما تحدثنا عن مخاطر هكذا عرض إنهزامي سنجد أن  إسرائيل ستسغله لشرعنة الإستيطان و تسهيل سرقة المزيد من الأرض الفلسطينية، وتهويد القدس , مستندة علي قبول عربي فلسطيني لفكررة تبادل الأراضى ,مما يزعزع حق الشعب  الفلسطيني في تثبيت مشروعية مطالبه السياسية  من انسحاب كامل من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 67، بما فيها القدس الشرقية، وتفكيك كافة المستوطنات التي تعتبر خرقاً واضحاً للقوانين والمواثيق الدولية,كما أن هكذا عرض يتناقض وقرار الامم المتحدة قبول "دولة فلسطين" عضواً مراقباً علي حدود الرابع من حزيران 1967,مما يعني تسليماً  ضمنياً بالموقف الإسرائيلي والمعتبِر أن  الضفة المحتلة والقدس الشرقية هي أراض متنازع عليها وليست أراض محتلة وفق تعريف القانون الدولي لها,مما سيضر الطرف الفلسطيني بقوة في أية مفاوضات مستقبلية ,أضف لذلك أن المخاطر ستمتد وقت إٍستغلال إسرائيل لهكذا عرض كأرضية لتنازلات عربية قادمة قائمة علي الإشتراط الإسرائيلي الأخطر وهو الإعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية والذي بدوره يشكل تهديداً مباشراً لمستقبل وحقوق أهلنا  في الداخل الفلسطيني المحتل,حيث أن الحكومة الإسرائيلية ستستغل ذلك العرض  للتخلص من السكان العرب المقيمين في المناطق الملاصقة للضفة المحتلة إضافة لأولئك  المتواجدين في النقب,عن طريق تبادل التجمعات الإستيطانية الكبرى في الضفة المحتلة بالمناطق المأهولة فلسطينيا في الداخل المحتل مع تبادل أراضي القدس الشرقية بأراضٍ في صحراء النقب.  

في الواقعية السياسية يا سادة  ,التنازل يقابل بتنازل ولكن في الواقعية التنازلية العربية فإن رفع سقف المطالب والمطامع الإسرائيلية يقابل دوماً بهبوط سقف العروضات العربية ,وللأسف فقد إنحدرت تلك العروض نحو الهاوية اليوم  في عهد قوى الإسلام السياسي العربية.
النكسة الكبري هي أن يحدث ذلك في زمن "الربيع العربي" حيث ظننا أن القرارالعربي  سيكون حراً موحداً غير خاضع للهيمنة الأمريكية وسيعبر عن إرادة الجماهير العربية.والأدهي أن من يحكمنا هم قوي الاسلام السياسي التي خلعت رؤوسنا بشعارها الأوحد ما قبل حكمهم وأثناء الإنتخابات "علي القدس رايحين شهداء بالملايين",ولكن يبدو أن تلك التنازلات هي الوصفة السحرية لترسيخ حكمهم في منطقتنا .
وهنا فعلاً أتساءل وبكل جدية لكبير المفاوضين الفلسطينين .. هل المتر الذي توافق علي مبادلته في القدس يساوي متراً مماثلاً  في صحراء النقب القاحلة مثلاً؟
 قد بتنا نحيا في زمن مقاولى المفاوضات وتجار الدين 
وهنا أستذكر غسان كنفاني إذ يقول, إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية ,فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية .

 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.