الطغاة جلابون للغُزاة

saadeq

لا نعلم ما الذي يمكن لحاكم، يدفع جيشه الى قصف الشعب، والى دك مساكن الناس وإراقة دمها؛ أن يقدم لفلسطين غير الكلام السخيف الموارب، الذي يحاول أن يداري به عوراته وجرائمه وعفونته، متمحكاً بفكرة التأييد والتعاطف والسخاء، حيال هذه الفلسطين المسكينة التي يتلطى بها المتلطون؟!

هل يمكن لقلب سفاح، أن يخفق حقاً، بالحب لفلسطين وقضيتها وشعبها، بينما ذات القلب، لا يُسجل خفقة من الشفقة على أمهات ثكلن أبناءهن، أو شبان في عمر الزهور، أزهقت أرواحهم بأيدي جنود من شعبهم، وبنيران معدات عسكرية ثقيلة، كانت أثمانها مخصومة من خُبزهم ومن مستوى حياتهم؟!

من ذا الذي يصدق أن السفاحين يمكن أن يكونوا أوفياء لأية قضية، أو أن لديهم قدرة على الامتنان أو رد الجميل، بينما هم على هذه الدرجة من السفالة والوحشية، في معاملة شعوبهم التي تحملت لعشرات السنين، عفونتهم وفسادهم وتخلفهم وكذبهم، هم وعائلاتهم، وحشاياتهم وأصفياءهم وبطاناتهم؟ فإن كانت الشعوب تحملت وصبرت على كل مساوئهم، لعشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة، ثم تحولوا هم الى كوارث على كل صعيد، وسدوا آفاق الحياة نفسها أمام خلق الله، وأغرقوا شعبوبهم بالعوز والتخلف عن ركب الأمم؛ ألا تستحق هذه الشعوب، أن تحصل من الذين تحملوا طويلاً هذا القرف السلطوي؛ على مجرد الترفق، أم إنها تستحق النار والموت، لكونها رفضت امتداد حكمهم، لما بعد الثلاثين سنة، أو ان ينتقل لأبنائهم الوارثين، الذي أعادوا بهم انتاج أنفسهم؟!

* * *

أي عالم هذا الذي ينتمي اليه السفاحون؟ الى أية ثقافة والى أية منظومة من الأوهام الرديئة؟. فالشاويش عطية، العاهة الكذوب الذي حكم اليمن عقوداً، المتخلف من رأسه الى أخمص قدمه، يتشاطر بإدارة لعبة الموت التي يحصد بها أرواح الناس. يقتل فيما هو يعرض صيغ الرحيل التي تتبعها صيغ المكوث، حتى بات الساذجون يدركون أن لا مانع لدى هذا المخلوق، من إبادة اليمن، شعباً ومقومات حياة، لكي يظل يحكم في جُحر بين جبلين، ومعه جمهرة الهتيفة من المرضى الواهمين!

أما غريب الأطوار، المجذوب الكريه المتلذذ بالإيذاء، الذي حكم ليبيا ما يزيد عن أربعين سنة؛ فلم يأخذها من قصيرها، عندما شاهد الليبيين المتظاهرين سلماً، يرمون بالأحذية صورته على شاشة كبيرة في الساحة الرئيسة في العاصمة. لم يكتف بعشرات السنين في السلطة، ولم يحسب حساب الطامعين من المستعمرين القدامى، الذين سينتهزونها فرصة لوضع إصبعهم في الوضع الداخلي لبلاده. بالعكس سعى جاهداً لإقناع هؤلاء، من دول الناتو وسواها، أنه الضمانة ضد 'القاعدة' وضد الهجرة اللا شرعية، وضد التطرف، وضد الشرف نفسه، لكي يتركوه. غير أنهم رفضوه لأسباب بيئية، فضلاً عن حسابات أطماعهم!

أفلت على الشعب جيشاً أعده ليوم انفجار الناس غضباً، وهجمت 'الكتائب' بمعداتها الثقيلة على الناس، بعد أن أطلق المجذوب التهديدات التي ثبت أنه كان قادراً على تنفيذها: رأى الشعب جموعاً من جرذان، ولم يكن سيفشل في إبادة طالبي الحرية، لولا أنه برعونته، وبسجله الطويل في تلويث البيئة السياسية في المنطقة وفي العالم؛ استحث المستعمرين على التدخل. لقد قالها الفقيه الثائر المتمرد ابن تيمية: الطغاة جلابون للغزاة!

فما الذي كان سيعود على فلسطين، من معتوه من هذا الصنف الفائح الفاضح الرديء، الذي أثبت بالملموس، أنه يحقد على شعبه، ليس بانتهاب المقدرات وتبديدها وإفقار الشعب وحسب، وإنما بقتل الناس جماعياً ودفنهم في مقابر سرية!

* * *

أما السفاح الثالث الذي افلت الجيش على الشعب في سورية الحبيبة، لكي يلغ في دمه؛ فهو الدعيْ الذي يحرس إسرائيل وأمنها واستقرارها، أكثر مما تحرسها الاساطيل الأمريكية في البحر. ما الذي ترجوه فلسطين من أمثاله. إن التظاهر بتأييد قضية شعبنا، من شأنه الإساءة اليها، إذ لا يرجى منه خير، ولا من نظامه العائلي الفاسد المدمن على الكذب والجريمة؟!

سفاحون ثلاثة، أطلقوا على الشعب، الجيوش التي اقتطعت أثمان أسلحتها من خبزهم. والثلاثة ينسبون أنفسهم للخط القومي والثوري وربما للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان بمقدوره منع انقلاب انفصال سورية عن مصر وفك الوحدة، لكنه أمر قوات المغاوير التي توجهت الى سورية لإفشال الانقلاب بتسليم نفسها وأسلحتها للانقلابيين، قائلاً إن الحكم في أي مكان، ولا حتى الأمنية العزيزة، تساوي قطرة دم تسيل في قتال بين الاخ وأخيه. فهؤلاء السفاحون، لا علاقة لهم بأي مثال ولا بأية تجربة قومية أو إنسانية، وهم لا يشرفون فلسطين ولا شعبها. لا نريد منهم وعداً ولا رعداً ولا عوناً، ولا حديثاً معسولاً كذوباً من ضباط أمنهم. حسبي الله ونعم الوكيل عليهم، ولتكن كل قطرة دم سفكوها من أبناء الأمة، لعنة عليهم، وشاهداً، إن لم يكن في قفص الاتهام في يوم حساب الدينا، فليكن في يوم الحشر بين يدي القاهر العادل!