كفى حقداً وابتذالاً
قرأت سلسلة المقالات الواحدة والثلاثين التي نشرها خالد سلام أو محمد رشيد، وحرصت أن أنأى بنفسي لبعض الوقت بعيداً عن سياسة الردح وبث السموم الصفراء، التي نضحها المذكور من مستنقعه الآسن ضد الوطنية الفلسطينية والوطنيين جميعًا، وليس ضد شخص الرئيس محمود عباس.
وقبل أن أرد على بعض النقاط الواردة في مطولات رشيد، أرى من الضروري الاشارة إلى الاتي:
أولًا: لم يتح لي "شرف" التعرف على شخص السيد خالد سلام لا في زمن الشتات ولا في زمن نفوذه وسطوته لعوامل ذاتية وموضوعية.
ثانيًا: لا يمكن التنكر لدوره ومكانته في الانتماء لصفوف الثورة، أسوة بكل المناضلين القوميين والاميين. لا سيما وأن الثورة احتضنت شخصيات عربية وكردية وأممية من قوميات مختلفة. وتشرفت الثورة ومنظمة التحرير بقامات ثقافية وسياسية من أصقاع العالم، ما زال لها بصمات قوية ومؤثرة في مسيرة التحرر الوطني.
ثالثًا: كان محمد رشيد، بعد قيام السلطة، أحد المتنفذين المقربين من الرئيس الرمز ياسر عرفات، ونتيجة ثقته بشخصه، سلمه مقاليد صندوق الاستثمار. حتى بات مؤثرًا في الشأن الداخلي أكثر من أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. لكن بعد وفاة أبو الوطنية المعاصرة، الشهيد أبو عمار، وتسلم الرئيس أبو مازن، أُبعد عن موقعه، كما أنه أدرك طبيعة اللحظة، فأبعد أيضا. ووفق المعطيات الوثوقة لدي، قام المذكور بتسليم ما لديه من أموال معلومة، ومرصدة في السجلات والأوراق الرسمية.
رابعًا: محمد رشيد، كان مناضلًا أسوة بكل المناضلين الملتحقين بالثورة الفلسطينية، لم يكن يملك مالًا ولا جاهًا. بعد استلامه صندوق الاستثمار الفلسطيني، وشراكته مع يوسي غينوسار، وعزراد ليف وستيف كوهينورديتشارد سموكا وغيرهم من رجال الأمن والمال الإسرائيليين واليهود، بدت النعمة تهطل عليه. وأمسى يلعب بالمال الوطني، وبات أحد الأثرياء في الساحة الفلسطينية والعربية وبالضرورة الكردية، لأنه اقام العديد من الشركات والصداقات والارتباطات العربية والإقليمية والعالمية وطبعًا أولًا وعاشرًا الإسرائيلية من خلال صندوق الاستثمار الفلسطيني. وبالتالي لا يمكن اعتبار خالد سلام، ذات الشخص الذي التحق بالجبهة الديمقراطية أو هو ذاته رئيس تحرير صحيفة "البلاد"، بل أمسى شخصاً آخر، لا يمت بصلة لذاته الأولى. وينطبق عليه المقولة التي تقول: الإنسان يبدأ مناضلًا، ولكن ليس بالضرورة أن ينتهي مناضلًا.
خامسًا: في (11\11\ 2004) استشهد الرئيس الراحل أبو عمار. وكان محمد رشيد، كما ذكر في سلسلته المطولة من المقالات، التي نشرها في موقع "إن لايت برس" جزءًا من الذين رافقوا الرئيس الشهيد في رحلة باريس وقبلها وبعدها، ثم بقي في إطار الفريق المقرب من الرئيس محمود عباس لفترة من الوقت، ومع ذلك لم ينبس ببنت شفة لا من قريب أو بعيد عن اغتيال الاختيار، وبقي صامتًا صمت أهل الكهف، وعمل على طريقة المثل القائل "بعسلك يا نحلة!" اتركوني بحالي، وما لي علاقة من قريب أو بعيد بما جرى أو يجري في العهدين القديم والجديد!؟ ولكن عندما اقتربت منه نار البحث والتفتيش عن أموال الشعب، "انتفض" كالملدوغ من ثعبان كوبرا سام، وبدأ ينفث سمومه وأحقاده باسم "الدفاع" عن زهوة ابنة الشهيد الخالد أبو عمار، وعن أبو عمار نفسه، فضلا عن انه وضع نفسه وصيا على الوطنية الفلسطينية، التي كان لها شرف احتضانه لفترة طويلة من الزمن، ووجه التهم يمينا وشمالا على الشعب العربي الفلسطيني وقيادته دون معايير اخلاقية أو سياسية وحتى درجة الاسفاف متنكراً للعلاقات والروابط، التي جمعته مع النخبة القيادية وباقي قطاعات الشعب، الذين كان على تماس معهم في لحظة سابقة.
سادسا: لست انت الشخص الانسب للحديث عن إغتيال الرئيس ابو عمار، ولا عن حقوق زهوة (المحفوظة) لانك لست مؤهلا، ولا مقبولا من اي فصيل أو شخص من ابناء الشعب بعد أن انحرفت عن سكة الاهداف والمصالح الوطنية الفلسطينية. وعليك أن تفكر مليا الف مرة، قبل أن تسمح لنفسك بالحديث عن رئيس الشعب المغدور عرفات، لانك لست محل ثقة ولا يمكن إئتمانك بالحديث عن اي مسألة تخص الوطنية بعد أن تجاوزت حدود اللياقة والادب والمسؤولية ب "تخوين" كل الفلسطينيين من خلال "تخوينك" رئيسهم وحامل راية الوطنية. لانه لا يجوز لك ولا لغيرك اتهام رأس الوطنية والشرعية محمود عباس بتهم تعود عليك، وعلى شخصك وعلى من يقفون خلفك، وعلى حلفائك ومن هم على شاكلتك.
سابعا: منذ اللحظة الاولى لاستشهاد الرئيس الرمز ابو عمار، واصابع الاتهام موجهة للقيادة الاسرائيلية – الاميركية ومن لف لفهم، وزمن شاركهم في سرقة اموال الشعب تحت مسميات وعناوين مختلفة. الجميع كان يدرك ، أن رمز الوطنية المعاصرة عرفات، اغتيل اغتيالا. ولا يوجد حسب ما اعتقد شخص في القيادة برأ شارون وبوش الابن وادواتهم التنفيذية. فلا تزاود على ابناء الشعب العربي الفلسطيني وخاصة قيادته السياسية وفي مقدمتهم محمود عباس.
ثامنا: الرئيس ابو مازن، بشر مثلنا، يصيب ويخطىء. ولا احد يستطيع الادعاء، انه لا يخطىء. ولا اعرف أن كنت تعرف أن الكمال لله وحده. وهنا لا يستطيع اي انسان فلسطيني الدفاع عن اخطاء الرئيس أو غير الرئيس من القيادات السياسية. ولكن يستطيع أن يلفت نظره للاخطاء، التي وقع بها. غير انك ، لا انت ولا انا، ولا غيرنا يستطيع تحميل رئيس منظمة التحرير ما لايتحمله.
تاسعا: الرئيس عباس ترشح للانتخابات على اساس برنامج سلام واضح. ولم يعلن منذ تاريخه، وحتى منذ انتفاضة الاقصى (الثانية ) 2000- 2005، انه مع خيار المقاومة المسلحة. بل اعلن زمن الانتفاضة بشكل واضح وصريح، انه ضد عسكرة الانتفاضة. ومازال الرئيس منسجما مع نفسه، ومع رؤيته السياسية حتى اللحظة الراهنة.
عاشرا: الرئيس محمود عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية المنتخب من الشعب مباشرة. وهو حامل راية الوطنية ، ليس مسموحا لاحد التشكيك بشخصه ومكانته، لانه تشكيك بكل القيادة الفلسطينية، وبحركة فتح التي يقف على رأسها وبكل الوطنيين الفلسطينيين.
حادي عشر: من حق اي انسان في الشعب العربي الفلسطيني أو من الشعوب العربية وحتى من شعوب العالم أن يكون ضد شخص الرئيس محمود عباس. وضد نهجه السياسي. وبالتالي من حق خالد سلام، أن لا يحب الرئيس ابو مازن، ولكن ليس من حقك اتهام الرئيس ب "الخيانة" لان صمتك خيانة، وطعنك في شخص الرئيس والوطنية الفلسطينية خيانة . وهناك فرق بين الاختلاف والتخوين. اختلف ما شئت مع اي انسان من القيادة أو غيرها، ولكن كف عن العبث بالحال الوطني. وكفى حقدا وهرطقة. واحفظ ماء وجهك قليلا، لانك تجاوزت كل حدود اللياقة.
ثاني عشر: قد يكون هناك منافقون للرئيس ابو مازن، كما لكل زعيم في العالم. ولكن كاتب هذه المادة، لا يقبل على نفسه أن يكون متزلفا أو منافقا لا للرئيس ولا لاي هيئة قيادية، لان رأس ماله قول كلمة الحق وفق قناعاته الخاصة. ولا يهاب البوح بها. فاما أن نكون امناء على مشروعنا الوطني أو لا نكون ابدا. وفلسطين وتحررها اهم من كل المواقع والاسماء والالقاب والامتيازات واهم من الرؤساء والاشخاص جميعا.
ثالث عشر: نصيحة لخالد سلام ومن لف لفه، قلتها لك سابقا في هذه الزاوية، تذكر تاريخك وانزوي جانبا. ابتعد عن المشهد الوطني، لانك غادرت مواقع العمل الوطني، وتعيش لمصالحك وحساباتك وملذاتك. وان كان لديك ما تقوله، كان الاجدر بك قوله وانت داخل معمعان العمل الوطني، وليس وانت بعيدا، وبعد أن طالك سيف الشفافية والمكاشفة واستعادة الحقوق أن كانت موجودة لديك حقوق (اموال) للشعب.
رابع عشر: حملة ليبرمان وقادة حماس ومن هم على شاكلتك، حملة تستهدف الوطنية الفلسطينية. واؤكد على ما جاء في مقالاتك، ولكن من موقعي الوطني، لن تجد اسرائيل ولا اميركا ولا اي قطب دولي شخصا مخلصا للسلام وخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع مع حزيران 1967 كما الرئيس عباس. وفي حال غاب الرجل لا سمح الله ، فإن الخاسر الاول اسرائيل واميركا والنظام الرسمي العربي، لان ابو مازن، كما تمسك بخيار السلام منذ الخطوة الاولى، مازال حتى الان متمسكا بالخيار رغم عنصرية ليبرمان ونتنياهو ومن لف لفهم. وبالتالي كون الحقد اعماك، فلم تعد ترى جديدا في ما قاله ليبرمان ولا نتنياهو ولا غيرهما من قادة دولة الابرتهايد في معاداتهم للسلام والتسوية، لان الدولة الاسرائيلية، القائمة على نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948ن مازالت بنت المشروع الكولونيالي الصهيوني، تعمل عبر قياداتها من فسيفساء الصهيونية الرجعية على استكمال عملية التصفية للقضية والاهداف الوطنية. ولا ولن تقبل القيادات الاسرائيلية القسمة على اي شخصية وطنية فلسطينية، لا محمود عباس ولا غيره.
خامس عشر: انصح كل شخص معني بالوطنية الفلسطينية عدم الرد على خالد سلام أو من هم على شاكلته، لان الامر لا يستحق من حيث المبدأ الرد، وليترك يقول ما يشاء. ولتنحصر الاهتمامات بالدفاع عن حقوق الشعب، التي ينتهكها الاحتلال الاسرائيلي وقادة الانقلاب الاسود في غزة.