لفلسطين عنوان واحد

فاجأ الرئيس المصري محمد مرسي الفلسطينيين والعرب، باتصاله مع السيد اسماعيل هنيه، مهنئاَ اياه بعيد الفطر السعيد!؟ وتناسى رئيس الشقيقة الكبرى عن سابق عمد واصرار، انه لا يجوز له ولا لغيره تجاوز المعايير السياسية الفلسطينية والعربية والاسلامية والدولية، ومنها: ان لفلسطين عنوان واحد وحيد، هو منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني، ورئيس منظمة التحرير محمود عباس، هو الجهة الوحيدةن الذي يخاطب في كافة المسائل السياسية والبرتوكولية.

واذا اراد ممثل الاخوان المسلمين في الرئاسة المصرية، مخاطبة رئيس الوزراء السابق هنية لاعتبارات شخصية او اخوانية، فليفعل، ولكن اولا لا يجوز مخاطبته كرئيس مصر، وثانيا لا ينشر ولا يعلن رسميا عن الاتصال بينهما، لما لذلك من آثار وانعكاسات سلبية على مكانة مصر الشقيقة الكبرى، ليس فقط في نطاق دورها في المصالحة الوطنية، ولكن للآثار السلبية، التي ستتركها على العلاقات المشتركة بين الشعبين والقيادتين. وايضا لانعكاساتها على التمثيل الفلسطيني في المنظومة الرسمية العربية والاسلامية والدولية.

وثالثا في على الرئيس مرسي التمييز بين المسائل الرسمية وغير الرسمية، لانه ممثل مصر المحروسة، وليس ممثلا لحركة الاخوان المسلمين. ورابعا اذا كان حريصا على دور جماعته في قطاع غزة، كان بامكانه ان يطلب من مكتب الارشاد الاخواني اجراء الاتصال مع هنية والزهار وغيرهم. كما ان الدكتور محمد مرسي، اخطأ حتى بمعايير جماعة الاخوان، عندما اتصل باسماعيل هنية، ولم يتصل مع السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في فلسطين (فرع الاخوان المسلمون في فلسطين)، وكانه شاء ان يعمق الانقسامات الداخلية في حركة حماس. لان الاتصال ليس لاعتبارات شخصية وانما لاعتبارات سياسية او تنظيمية.

وان كان مرسي معني بالمسائل السياسية ، وتعميق العلاقات بين الشعبين والقيادتين، فانه مطالب بالاتصال فقط مع الرئيس الفلسطيني المنتخب، الرئيس ابو مازن، بغض النظر ان احبه او لم يحبه. لان العلاقات بين الشعوب تتجاوز الحسابات الشخصية والصغيرة. الخطأ الذي وقع به الرئيس المصري، يستدعي الاعتذار الشخصي والرسمي من مؤسسة الرئاسة المصرية للرئيس عباس ولمنظمة التحرير الفلسطينية، ولجامعة الدول العربية ولمنظمة التعاون الاسلامي ومنظمة دول عدم الانحياز والامم المتحدة. لان الخطأ كبير ، وله دلالات سياسية. لان الناظم والمعايير للعلاقة بين الشعوب لا يمكن إدارة الظهر لها، والتعامل معها بخفة ولا مبالاة. وسياسة الدراويش وسوق الامور سبهللة لا تستقيم في العلاقة بين الدول والشعوب. وعلى الرئيس محمد مرسي، ان يدرك جيدا، انه رئيس الشقيقة الكبرى، مصر بكل الوان طيفها السياسي والاجتماعي والثقافي والديني، وليست مصر حكراً على جماعة الاخوان المسلمين ومن لف لفهم.

وبالتالي عليه (مرسي) التدقيق في كل صغيرة وكبيرة، وكل مفردة ينطق بها، ويكف عن اخذ تعليماته من مكتب المقطم (مكتب الارشاد الاخواني).. اي مطلوب منه العودة الى الخارجية المصرية ليسألها ما يجوز وما لايجوز له التصرف به. لان طرح المواقف وانتهاج السياسات الرسمية لها معايير خاصة ، وتنظمها بروتوكولات واتفاقيات عربية واسلامية واممية ، هو يجهلها اولا بحكم تجربته المتواضعة؛ وثانيا لان لانها تخرج عن اطر الجماعة ومكتب الارشاد في المقطم. وبناءا على ما تقدم، على الرئيس محمد مرسي، والرئاسة والحكومة المصرية تحديد سياسة قومية واضحة ومحددة تعمل وفقها استنادا للقوانين والمواثيق والاعراف الديبلوماسية والسياسية، وخاصة للتعامل مع القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية. وايضا على القيادة الفلسطينية ان توجه رسالة احتجاج رسمية للرئاسة المصرية، ولا يجوز لها ان تمرر ما تم من قبل الرئيس المصري، وكأن شيئا لم يحدث. لان الامر مرفوض جملة وتفصيلا، ويسيء للعلاقات الاخوية بين البلدين والشعبين.

ولم تعد سياسة القفز عن الاخطاء والمثالب للاشقاء العرب تجدي نفعاً. ولا تحفظ مكانة الفلسطيني في الاوساط الرسمية، خاصة وان بعض اهل النظام العربي وفي المقدمة منهم مصر في الزمن الحديث (زمن الاخوان الاسود) تسعى لتقزيم دور القيادة الشرعية للشعب العربي الفلسطيني، وفي المقابل إبراز دور القوى الانقلابية البفيضة في قطاع غزة (حركة حماس) على حساب وحدة الارض والشعب والقضية الفلسطينية.على القيادة الفلسطينية وضع حد لحالة الاستهتار والخفة، التي يتعامل بها ممثلو النظام الرسمي العربي وخاصة في مصر. لان الصمت على ما جرى، سيفترضه مرسي ومن لف لفه، "تصريحا" له بذلك، و"قبولا" فلسطينيا بالامر الواقع. وهذا مرفوض من الشعب والفصائل والقيادات السياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات الشعبية .