حماس ترعى الأنفاق وتجني الملايين

غزة : لم تعد مئات الأنفاق المحفورة تحت الأرض بين غزة ومصر، مجرد أنفاق للتهريب كما كانت تعرف لفترات طويلة، فبعد 5 سنوات من الحصار، اتخذت هذه الأنفاق صفة المعابر الرسمية، لكنها معابر تحت الأرض. واليوم تبدو الأنفاق أكثر من مهمة، ليس فقط من أجل تهريب بضائع، لكنها تحولت إلى مصدر كبير للرزق والثراء، وشرايين حياة للغزيين كما يحلو للبعض تسميتها، ودخلاً مهماً لخزينة الحكومة الحمساوية المقالة هناك أيضاً.

ويدخل عبر هذه الأنفاق يوميا آلاف الأطنان من الوقود، والسلع والبضائع المختلفة، والأدوية، ومواد البناء مثل الأسمنت والحديد، هذا غير تهريب السيارات والسجائر. ولا يعرف عدد دقيق للأنفاق، لكن مصادر مختلفة تقول إنها قد تصل إلى 400 نفق رئيسي، وأكثر من ألف فرعي. والأنفاق متنوعة، أنفاق خاصة تابعة لحماس وأنفاق عامة للآخرين.

ويكلف حفر النفق الواحد، نحو 80 ألف دولار، بحسب حجمه وطوله، وإذا ما عمل بشكل متواصل، فقد يصل دخل النفق الواحد إلى 150 ألف دولار في اليوم. وقال مصدر فلسطيني مطلع لـصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، إن «أنفاق حماس تخص الحركة، يعمل فيها رجال محسوبون عليها، وتكون خاصة بتهريب وإدخال ما يخص حماس، سيارات، سلاح، وما شابه، ويتحرك منها رجال حماس أيضا». أما الأنفاق العامة حسب نفس المصدر، (فهي ملك أشخاص عاديين، ولهم شركاء أحيانا مصريون من البدو، وهذه تخضع لإشراف حماس وتخصص للبضائع والسلع). وشكلت حماس في الأعوام السابقة لجنة خاصة للأنفاق، مهمتها الإشراف عليها وتحديد الضريبة المناسبة على كل بضاعة مهربة وجنيها من أصحاب هذه الأنفاق.

وأعطت هذه اللجنة للأنفاق صفة الشرعية، ومثلا عندما نفذ الهجوم على النقطة الحدودية المصرية في رفح وقتل فيه 16 جنديا مصريا، أمرت اللجنة أصحاب الأنفاق بإغلاقها 3 أيام من دون أي عمل. وفورا ظهرت آثار ذلك على الحياة الإنسانية والتجارية في القطاع، وكادت تتوقف ورشات بناء كبيرة وبدأت المستشفيات تخشى من نقص في الأدوية، كما ظهرت بداية أزمة في الوقود. وقال مصدر مصري لـ(الشرق الأوسط) إن "الأنفاق أصبحت تشكل مصدر دخل أول لحكومة حماس". وأضاف "إذا كان ثمن لتر الوقود المدعم 80 قرشا، ويصل إلى غزة بنحو 5 جنيهات، فلك أن تعرف حجم الأرباح".

وبحسب مصادر حدودية فإن نحو نصف مليون لتر من الوقود يهرب يوميا إلى القطاع. وقال المصدر المصري "هذا يشكل أرباحا خيالي". ولكن لا يعرف بالضبط كم تجني حماس من هذه التجارة. وقالت مصادر لـ"الشرق الأوسط" إن ذلك "بحسب البضائع" وأضاف "بعضها تفرض عليه ضريبة مقطوعة على الكيلو أو القطعة، وبعضها على الطن".

وأضافت "تتقاضى نحو نصف دولار من أصل 80 سنتا هي سعر لتر البنزين عن كل لتر، و8 سنتات عن كل علبة سجائر، و15 دولارا عن كل طن حديد، و10 عن كل طن أسمنت». وتابعت المصادر القول «بعض السلع مثل السيارات تفرض عليها ضريبة تصل إلى 25 في المائة و2000 دولار عن كل سيارة بدل إذن دخول». وهذا سارٍ على أي بضائع تدخل إلى غزة بما فيها الملابس واللحوم والعصائر وغيرها.

كما تقتطع ضريبة من دخول العمال في الأنفاق. ويعمل في كل نفق عدد لا بأس به، قد يصل إلى 30 عاملا أو أكثر. وتشير تقارير إلى أن دخول العاملين تتراوح بين 60 و80 دولارا في اليوم. ويقول عاملون في الأنفاق طلبوا عدم نشر أسمائهم إن "العمل في الأنفاق منظم، لجنة حماس تراقب كل كبيرة وصغيرة". وأضاف "إنها تراقب حجم البضائع ونوعياتها وتفرض عليها الضرائب". وتابع "وهي أيضا تراقب وتمنع تهريب الكحول والأسلحة وأي مواد مخدرة".

وتتعامل حماس مع الأنفاق كمسألة حياة أو موت، في حين تدعم السلطة الفلسطينية تدمير هذه الأنفاق. وتقول السلطة إن 600 مليونير جديد صنعوا ثروتهم من الأنفاق.

الشرق الأوسط

ـــــــــــ

م م