إرهاب المستوطنين.. يجب كسر الصمت والخوف

عصر أول من أمس، ضرب إرهاب المستوطنين مرّة أخرى، وكان الضحايا 6 فلسطينيين من بينهم أطفال وأم وأب. أداة الإرهاب زجاجات حارقة أُلقيت باتجاه سيارة فلسطينية، لا ذنب لركابها سوى أنهم فلسطينيون. تعالوا نعد إلى الخلف سنوات، ففي الانتفاضة الأولى فرضت سلطات الاحتلال حظر تجوال مشدّد على مدينة البيرة، وعاقبت الأهالي، وجوّعتهم مدة أسبوعين بذريعة إلقاء زجاجة حارقة على سيارة إسرائيلية أصيب في حينها من كان فيها.

سلطات الاحتلال لم تعتقل من اتهم بالحادث، وكان في قدرتها فعل ذلك، بل صفّته بدمٍ بارد. إذن هو انتقام الاحتلال، على الرغم من أن ما حصل في حينه يأتي في إطار حق المقاومة المشروع للشعب الذي يقبع تحت نير الاحتلال. بعد سنوات، أيضاً، أُلقيت زجاجة حارقة باتجاه حافلة للمستوطنين في منطقة أريحا، وكان العقاب جماعياً لم تشهده المنطقة.

نكّلت قوات الاحتلال بالأهالي الأطفال قبل الشيوخ... اعتقل في حينه عشرات الشبّان وتم التنكيل بهم بطريقة وحشية. هذا الحادث تسبّب في حينه بسقوط "حزب العمل" في انتخابات الكنيست عندما كان يقوده شمعون بيريس. الحادثان السابقان نذكرهما كدلالة على العنصرية التامة لهذا الكيان الإسرائيلي الاحتلالي. قائد شرطة الاحتلال يقول: إن الشرطة تفحص الحادث، وكأنه يحاول ـ بكذب غير مفضوح ـ إبعاد التهمة عن مجموعات استيطانية إرهابية، تمارس عمليات القتل والإرهاب تحت سمع جيش الاحتلال وبصره!.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرغب في تغطية عورة الاحتلال بادعائه أنه سيلاحق الفاعلين. إذن لماذا لا يفرض نتنياهو وقائد شرطته حظر التجوال على مجموعة من القتلة في مستوطنة مدجّجة بكاميرات التصوير، تحدد دخول نملة أو خروجها من أوكار الإجرام والقتل؟ لماذا لم تفرض سلطات الاحتلال عقاباً جماعياً على أولئك القتلة، وهم معروفون لديها؟ في السنوات الأخيرة أصبح واضحاً أن القائم على ما يجري ليس تنظيماً إرهابياً من المستوطنين كما كان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وإنما هو إرهاب مستوطنين جامع.

هذا الإرهاب متواصل ومستمر ابتداءً من مواسم قطف الزيتون وما يتعرض له المزارعون الفلسطينيون من عمليات إجرامية على أيدي المستوطنين، أو على مفارق الطرق والشوارع الرئيسة التي يسيطرون عليها، والذين يقومون برشق السيارات الفلسطينية، ما تسبب بحوادث سير خطيرة، أدت إلى وقوع ضحايا فلسطينيين، دون أن يتم الكشف عن هؤلاء القتلة... أو ما يحدث في البلدة القديمة من الخليل، حيث يأخذ هؤلاء الإرهابيون القانون بأيديهم، ينكّلون بالأطفال والشبّان... ويتم ذلك بحماية من قوات الاحتلال، التي هي شريكة في هذه الجرائم.

ولعلّ تسجيلات الفيديو قبل أيام لقيام المستوطنين بالتنكيل بشاب في الخليل القديمة وبتعاون مع قوات الاحتلال ليؤكد الشراكة في الإرهاب بين جنود الاحتلال والمستوطنين. ولكن السؤال، هو: لماذا هذا الصمت الفلسطيني أو لنقل الخوف، أيضاً، خلال السنوات الماضية.. تمرّ كل اعتداءات زُمر الإرهاب من المستوطنين وكأن شيئاً لم يحدث. ربما الإجابة عن ذلك هو تشكّل قناعة عند المستوطنين بضعفنا، وعدم قدرتنا على الردّ على هذه الاعتداءات.. الضعفاء لا يمكن أن يمثلوا رقماً قادراً على إثبات ذاته..

وبالتالي أمام هذا الإرهاب الاستيطاني والاحتلالي لا يمكن أن نواصل لعب دور الضحية بصمت. إن لم يكن هناك عقاب.. إن لم تكن هناك قوة فلسطينية قادرة على الردّ.. فنحن نسير في طريق الهاوية.. نحن نمتلك الحق، نمتلك الأرض، نمتلك الشجاعة، نمتلك قوة الصمود... ولكن إذا فرضت علينا المواجهة فلنستعد لذلك، وإلا...؟!.