الأحزاب اليسارية والقومية تقترب خطوة من المشاركة بالأنتخابات النيابية المقبلة

خطوة عملية أقدمت عليها أحزاب المعارضة القومية واليسارية الخمسة: البعث التقدمي مع البعث الأشتراكي، والحزب الشيوعي، وحزب الشعب الديمقراطي، والحركة القومية للديمقراطية المباشرة، بإتجاه الأقتراب من المشاركة بالأنتخابات النيابية المقبلة.

وخطوة الأحزاب اليسارية والقومية، تمثلت بإستجابتها لقرار المشاركة في عملية التسجيل في قوائم الناخبين، مستندة في ذلك، على رؤيتها الدستورية وفلسفتها الوطنية أن التسجيل حق دستوري تعمل على أساسه، بدون أن يلزمها هذا القرار، بالمشاركة في الأنتخابات المقبلة ترشيحاً وإنتخاباً، على أساس القانون السائد الذي أعطى للمواطن حق التصويت بصوتين أحدهما للدائرة المحلية والأخر للدائرة الوطنية، وإعتراضها ما زال قائماً على القانون الذي أعطى للدائرة الوطنية 27 مقعداً فقط، وهو دون مطلبها المعلن بإعطاء الدائرة الوطنية نصف عدد أعضاء البرلمان، أي خمسين بالمائة لكل دائرة من الدائرتين المحلية والوطنية، إنسجاماً مع خطة الأصلاح السياسي الهادفة إلى الوصول إلى حكومات برلمانية حزبية.

قرار أحزاب المعارضة القومية واليسارية يتعارض مع قرار حركة الأخوان المسلمين ومن يتبعها ، بمقاطعة عملية التسجيل في قوائم الناخبين، إضافة إلى قرار مقاطعتها لخطوتي الترشيح والأنتخاب، وبذلك تكون أحزاب المعارضة الخمسة، ليس فقط أنها إقتربت خطوة من المشاركة في عملية الأنتخابات، بل وإبتعدت خطوة عن قرار الأخوان المسلمين بالمقاطعة للإجراءات الثلاثة: التسجيل والترشيح والأنتخاب، خصوصاً وأن الأجتماع الأخير للجبهة الوطنية للأصلاح، تناول عملية التسجيل، حيث طالب الأخوان المسلمين بإتخاذ قرار مقاطعة التسجيل، الأمر الذي رفضته الأحزاب اليسارية والقومية، وأكدت ضرورة إتخاذ قرار معاكس، ليتمثل بضرورة التسجيل بدلاً من مقاطعة التسجيل، ولذلك تعذر إتخاذ قرارموحد بإسم الجبهة الوطنية للأصلاح نحو الموقف من عملية التسجيل، بالمشاركة أو بالمقاطعة.

قرار المشاركة في عملية التسجيل، تم بعد أن إستفتت الأحزاب الخمسة قواعدها الحزبية والجماهيرية، وخلصت ثلاثة منها إلى أن الأغلبية من بين صفوف قواعدها رجحت المشاركة على المقاطعة، وهي لم تعلن ذلك، صراحة بإستثناء حزب البعث التقدمي الذي أعلن نتائج الأستفتاء بإنحياز 60 بالمائة من قواعده مع المشاركة، حتى يكون قرارها جماعياً، ويعكس قرارها السياسي، وتحالفها كأحزاب معارضة لسياسة الحكومة بخصوص قانون الأنتخاب، مثلما يعكس عدم رضاها لقرار الأخوان المسلمين المتضمن مقاطعة الأنتخابات.

لقد أجرت الأحزاب الخمسة مشاورات ثنائية متعددة مع بعضها البعض، وإتخذت قرارها الجماعي المعلن بالمشاركة في عملية التسجيل في قوائم الناخبين، وهي أول خطوة إجرائية في المراثون التدريجي لعملية الأنتخابات، والتسجيل هنا مهم، لأن عملية التسجيل الجارية، سُتلغي قوائم الناخبين السابقة، وبالتالي فهي مهمة لكل مواطن، في أن يضمن إسمه في قوائم الناخبين، إضافة إلى وجود مؤسسة جديدة عنوانها الهيئة المستقلة، ستشرف على الأنتخابات من ألفها إلى يائها، وبذلك من المتوقع أن تصاحب العملية الأنتخابية شفافية أوضح وإجراءات أصوب، عاكسة الرغبة في تقليل فرص التدخل الرسمي بالنتائج، ومساحة أوسع في حرية الأختيار وإحترام نسبي لنتائج ما ستفرزه صناديق الأقتراع.

لقد حافظت الأحزاب الخمسة على وحدة قرارها الرصين، ولذلك أثرت التريث ومواصلة موقفها، وعدم التراجع عن قرارها المعلن والمتضمن عدم إعلان موقف من المشاركة أو المقاطعة، ليس فقط حفاظاُ على وحدة موقفها وتماسكها، بل إنها ما زالت تراهن على تطور سياسي ما يؤدي إما إلى تأجيل الأنتخابات أو إجراء المزيد من التعديلات على القانون، لأن جلالة الملك وصف القانون على أنه " غير مثالي" مثلما وصفه رئيس الوزراء على أنه" قانون خلافي".

القرار الذي إتخذته الأحزاب اليسارية والقومية ليس خطوة إجرائية وحسب، بل هو قرار سياسي يعكس التقدم خطوة إلى الأمام نحو عملية المشاركة وهذا ما قرأه شخصية سياسية قريبة من قوى اليسار الأردني بقولها: لو كانت أحزاب المعارضة القومية واليسارية لديها الرغبة بالمقاطعة أو الأقتراب من قرار المقاطعة، لأتخذت قراراً منسجماً مع قرار حركة الأخوان المسلمين بإعلان المقاطعة لعملية التسجيل، على إعتبار أن التسجيل في القوائم هو الخطوة الأولى نحو المشاركة، وبذلك يكون قرار التسجيل موحياً وذا دلالة ويتعارض مع قرار المقاطعة، كما فعلت حركة الأخوان المسلمين، التي إتخذت قرار المقاطعة، وأنهت بذلك أي وهم على وجود نوايا عالقة يمكن الرهان عليها من قبل البعض على تراجع الأخوان المسلمين عن قرار المقاطعة تسجيلاً وترشيحاً وإنتخاباً، وبذلك يكون قرارهم قطعياً، وأزال أي هامش للمناورة حول التراجع عن المقاطعة، وأن قرار المشاركة أو المقاطعة هو قرار سياسي، يعكس نفسه على الخطوات الأجرائية، ومن هنا تفسير موقف الأحزاب اليسارية واقومية، بالمشاركة بالعملية الأجرائية، في التسجيل في قوائم الناخبين، بإعتبارها خطوة سياسية أولى سيتولها خطوات.

 h.faraneh@yahoo.com