في حضرة الحاضر فينا ابدا
مضت اعوام اربعة على رحيل رمز الثقافة الوطنية شاعر فلسطين والعرب الابرز محمود درويش. لم يترجل درويش عن نظم القصيدة. غاب الغياب ولم يغب محمود ؛ لانه مازال يلقي قصائدة في فضاءنا ...نلوذ الى دواوينه وكتاباته كلما ضاقت بنا الحالة البائسة، التي نعيشها، كي نستعيد بعض عافيتنا وحضورنا.
مضت الاعوام بطيئة تضغط على جرح فراقنا لشاعرنا الوسيم صاحب المقام والقيمة الرفيعة، الشاعر الحاضر ابدا فينا، صانع ملحمة وجدارية ايامنا الماضية والحاضرة والاتية .. مضت الايام والشهور والسنين ببرودة شتائها ، وحرارة صيفها ، وقتامة وسوداوية احداثها ، وثقل فجيعتها له ولنا على ترك القصيدة مفتوحة على فضاء العزاء وانواء البحر الدامية.. شقائق النعمان وزهر اللوز مازلا ينبتان مع كل ربيع .. وينثران بدائع الالوان الزاهية وبحور القصيدة لنشر الامل او بعضه في النفوس الحزينة على الوداع الاخير ، وعلى تلاشي الحلم الفكرة .. أبحر درويش العظيم في دواخلنا ودواخلهم ، بعدما قرأ آياتنا وأسفارهم وطاف على الالياذة وشرب من ينابيع المعرفة الواسعة ، فنَّظم آفاق مستقبلنا.. وأكد عبورهم في كلام عابر بعد أخذ حصتهم من دمنا وايامنا وبعض احلامنا..
بشرنا محمود دائما بالحصاد الاتي ، رغم صغر الدولة ، والنزيف الدامي، والضباع الضالة في فيفافي البلاد بين كروم العنب والتين والزيتون تعيث فساداً... أكمل سيد الكلمة الرسالة ، حينما اكد لنا، إن على هذه الارض ما يستحق الحياة .. وطالبنا ان لا نحزن او نقنط ،وان لا نستكين او نركن الى وعد الدنيا والنبوءة ، وحملنا الامانة للنهوض من سبات اللحظة الى الق وعظمة الفكرة..
لن نقول وداعا محمود .. بل سنقول دائما الى اللقاء في موعد جديد ، نعيد فيه قراءة بعض ما ابدعت من النثر ونظمت من القصائد ، لنستعيد اقل القليل من عافيتنا .. ومبروك لك يا سيد الابجدية افتتاح متحفك في حديقتك "البروة"، وحيث يرقد جسدك الطاهر، المحتضن اوراقك وكتاباتك وقصائدك التي القيتها بصوتك الشجي الانيق ، وتلك المغناة باصوات من احبوك من الفنانين ، وأصروا على نثر كلماتك في فضاء الشعب والامة.. وشكرا لكل من اسهم في إشادة الصرح ، الذي يليق بحضورك الدائم فينا...