"المسحراتي" وابتكارات جديدة

غزة: لا يمكن ان يتصور سكان قطاع غزة شهر رمضان بدون 'المسحراتي' الذي يجوب شوارع وأزقة المدينة فجراً، مغرداً بالأهازيج، وضارباً على الطبل، هذا وطوّر المسحراتي أبو رامي ياسين (45 عاما) من قطاع غزة عمله ليصبح بشكل مختلف تماماً عن المتعارف عليه، ويستخدم ياسين في إيقاظ السكان سيارة محمّلة بمكبرات الصوت، ويجوب شوارع حي الزيتون شرق مدينة غزة، منادياً على العائلات بأسمائهم.

وقال ياسين: 'في شهر رمضان أزيّن سيارتي بالفوانيس والأنوار الكهربائية، وأطلق عبر مكبرات الصوت الأناشيد الرمضانية التي تضفي نوعاً من السحر على الأجواء الرمضانية'. وأشار إلى أنه بدأ العمل بتلك المهنة منذ سبع سنوات تقريبا. ويحاول ياسين إقحام السياسة أحيانا في عمله، حيث ينادي على الناس، قائلا 'يا أهل فتح يا أهل حماس، قوموا إلى سحوركم يرحمكم الله'.

رغم مرور زمن طويل تغيّر فيه مجرى الحياة في الوطن العربي حيث توجد اليوم الفضائيات والموبايلات وكافة الخدمات التي تجعل كل إنسان يعرف مواقيته بدقة الاّ أن المسحراتي أو المفلّح كما يطلق عليه في بعض مناطق اليمن مازال يقوم بوظيفته في تنبيه الصائمين بوقت دخول ساعة السحور منذ قبل قرن من الزمان بحسب المهتمين والمؤرخين.

ففي مدينة "المكلا" يبدأ المسحراتي بالطواف بأزقة وشوارع المدينة، وهو يقرع طبله بدقات معتادة قبل ساعتين من السّحور ويتحلق حوله الأطفال والصبية الصّغار ويرددون أهازيجه الرمضانية وهم يمشون معه في الحي أو كما يسميها الناس هنا (الحافة) قائلين 'قم ياصائم وحّد الدائم .. سحورك ياصائم سحورك ياصائم'.

وفي مصر استبدل المسحراتي كلماته التقليدية بجملة 'لا للتدخين.. لا للإدمان.. خلِّ حياتك كلها رمضان'، وأخذ يجوب أنحاء أحد المراكز الشبابية الرياضية بالقاهرة وسط عشرات من الأسر والشباب الذين يقضون سهرة رمضانية في الهواء الطلق. وخلال تجوله بين الساهرين في مركز شباب الجزيرة بالقاهرة بعد الإفطار، وزع الشخص الذي كان يرتدي دمية بزي الملابس التقليدية للمسحراتي الذي عرفته مصر منذ عقود، 'إمساكية رمضان' ومطبوعات وأقراصاً مدمجة تحوي معلومات عن مخاطر الإدمان والتدخين وطرق العلاج الآمن والمجاني. وهذه الطريقة المبتكرة للمسحراتي دفعت عدداً من الشباب للالتفاف حوله والاستماع لنصائحه، خاصة أنه كان يوزع أيضاً مطبوعات عليها صور شخصيات محببة للأطفال وألعاب.

وظهرت مهنة المسحراتي في عصر الدولة العباسية خلال عهد الخليفة المنتصر بالله. ويذكر المؤرخون أن المسحراتي ظهر عندما لاحظ والي مصر عتبة بن إسحاق عام 238 من الهجرة أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحور.

وكالات

_______

س ن