صفر الخزينة ... الى متى ؟!

ما من يوم يمر على الفلسطيني ، الا ويسمع عن اخبار هنا واخرى هناك حول الازمة المالية الصعبة التي تعيشها السلطة الفلسطينية , والمتفاقمة يوم بعد يوم ، شهدها بشكل روتيني منذ انتخابات المجلس التشريعي عام الفين وستة ، والفوز الذي منيت به حماس ، والتي جاءت هذه الازمة كرفض المجتمع العربي والدولي بشكل اخص لتسلمها الحكومة الفلسطينية .

حكومة فياض والمستلمة اعمالها منذ العام الفين وسبعة ، جاءت مؤقتة بعد الانقسام الذي شهدته الاراضي الفلسطيني بين الحزبين السياسيين الابرز ، فتح و حماس . وما لعب هذا من دور حاد في ميزانية السلطة الفلسطينية ، ليعيش منذها الفلسطيني قلق الراتب المحتمل تأخره في أي شهر ، و ازمة الضريبة المرتبطة بالاقتصاد العالمي بشكل عام والإسرائيلي بشكل خاص الاوضاع السياسية المتوترة ، تلعب بشكل اساس دوراً في ضمان وصول المساعدات المالية الى خزينة السلطة ، واي انحراف عن مسار تريده اسرائيل يؤثر بشكل مباشر على اقتصادنا ، كان ابرز واخر هذه الاوضاع السياسية الصعبة ، العام الماضي , حين قررت الحكومة الفلسطينية الذهاب الى الامم المتحدة من اجل نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام سبعة وستين ، فجاء الرد الامريكي والاسرائيلي بشكل خاص ، فورا كوعودات بتجميد اموال السلطة الفلسطينية ولا ننسى اننا وفي الشهر الماضي كاقرب مثال ، قد عايشنا تاخر كبيراً في صرف رواتب الموظفين ، وكيف افرِج جزئيا عن هذه الازمة بعد الخروج قبل شهر رمضان بايام معدوة نتيجة دعم السعودية لميزانية السلطة بملغ مئة مليون دولار ،وانه سيتم صرف الراتب كاملا ، للذين يقبضون شهريا الفين شيكل او ادنى ، وغيرهم سيحصلون فقط على ستين بالمئة منه .

واعود واذكر عزيزي القارئ ان هذا قد جرى قبل ايام قليلة من شهر رمضان ، والاعلان عن نتائج الثانوية العامة ، ومن منا لا يدرك حجم المصاريف المطلوبة لتلبية احتياجات العائلات الفلسطينية في هذا الشهر , ولوازم الفرحة بالنجاح في الثانوية العامة .

وفي هذه الايام ، وبعدما اعلنت الحكومة الاسرائيلية عن عجز مالي تواجهه خزينتها خرج وزير ماليتها يوفال شتاينتس، بالتوقيع على تعديل قانوني في التعرفة الجمركية وضريبة الشراء لسد هذا العجز ، فكانت السجائر والمشروبات الكحولية وحتى اسعار الهواتف النقالة ، في وجه المدفع ، لترتفع اسعار السجائر الاسرائيلية والمستوردة , على سبيل المثال بنسبة 10 % . الامر الذي اثار سخط المواطن الفلسطيني بشكل سريع ، كيف ولا ونسبة المدخين الذكور تبلغ 43,2%، والإناث المدخنات 3,1% , أي ان حوالي نصف الشعب الفلسطيني هم مدخنون ، وتوفير مصاريف التدخين ، ستكون على حساب مصاريف اخرى لاحتياجات المنزل الضرورية .

اما ما تعانية الجامعات الفلسطينية في هذه الايام من ازمة مالية حادة بلغت في جامعة بيرزيت على سبيل المثال 4.5 مليون دولار , وما تعيشه منذ ثلاثة عشر يوماً ، من اعتصام للحركة الطلابية فيها واغلاق الجامعة كاعتراض على رفع سعر الساعة الجامعية لدى الطلبة الجدد ، لهو مؤشر خطير على سير العملية التربوية فيها وفي الجامعات الفلسطينية الاخرى . ولا ننسى انه بين الفينة والاخرى يخرج لنا المسؤول الفلاني ليتحدث حول الازمة المتفاقمة لدى السلطة الفلسطينية ، وسبل حلها المنحصرة دائما في المعونات الخارجية ..

والتي يعلم الله وحده بوقت مجيئها ، وما ان كانت ستفي بالغرض ام لا , وغيرهم ممن يلمحون بالغاء الفصل الدراسي الاول في بعض جامعات الوطن نتيجة الازمة المالية الحادة التي تمر بها هذه الجامعات اذا عزيزي القارىء ـ وضعنا الاقتصادي على حافة هاوية ، تسعى حكومتنا في كل شهر الى الحصول على دعم من يسنده حتى لا يسقط الى حيث اللارجعة ! ، وبهذا وكما اشرت فان الوضع السياسي الصعب وما تشهد ارضنا من احتلال همجي يزداد يوماً بعد يوم ، يعتبر السبب الرئيس في تأخر الراتب وغلاء علبة السجائر والمحروقات والمواد الغذائية و و و .. ، وان سألتني لماذا نوجه اصبع الاتهام دائماً للاحتلال ، فسأجيبك بأن احتلال يسيطر على كل منافذ عيشنا ويمسكنا من نقاط ضعفنا .. قادر على فعل هذا واكثر بوسائله الاستفزازية الشنيعة العديدة .

ولكن هل تعتبر الانتخابات القادمة ، والتي ما زالت اصلا موضع جدل في حكومتي الانقسام ، الحل المفضل في اقامة حكومة يرضى عنها من يدعمها بالدولات في كل شهر ، ام ستبقى الخلافات ومواضع الجدل سيدة الموقف ، حتى يضعف عظم الفلسطيني ويصبح في موقف لا يقوى فيه على شراء رغيف الخبز ؟! .

محمد ابوهليل

fwtir2008@gmail.com