الوحدة الخاصة لليسار

يسار

جدعون ليفي

عاد اسحق هرتسوغ من رام الله وهو مملوء بالانطباعات، وسارع إلى كتابة اعلان رائع، بدون مساعدة الأبوين. «لا يجب الخوف بل الجرأة»، هذا كان عنوان الاعلان. البقية كانت مخجلة وصبيانية أكثر. وما كان ينقص هو «عدنا إلى البيت تعبين لكننا راضين». لكن في بحر الكليشيهات ظهرت جملة «علينا منع الانتفاضة الثالثة. لأن هذا معناه حرب لا هوادة فيها ضد الارهاب، وفي هذا الشأن أنا متطرف أكثر من نتنياهو». آه، آه، «الحرب ضد الارهاب». هرتسوغ سيكون «أكثر تطرفا من نتنياهو». وسيمنع الانتفاضة الثالثة.

يجب أن تتم محاسبة هرتسوغ على هذه الكليشيهات. فماذا قصد عندما قال إنه متطرف أكثر من نتنياهو؟ أكثر عنفا؟ نتنياهو مسؤول عن قتل آلاف الفلسطينيين في غزة، وسيقتل الكثيرين؟ خلال ولاية نتنياهو كان هناك 400 معتقل اداري، وعند هرتسوغ سيكون 1000. نتنياهو يطرد آلاف الاشخاص من بيوتهم تحت الشمس الحارقة، وهرتسوغ سيطرد الكثيرين؟ هرتسوغ زأر في الطريق من رام الله، من لا يُطلق.

ليس هذا هو القصد، سيقول المتحدثون. هرتسوغ أراد أن يقول فقط إنه سيكون متشددا في الحرب ضد الارهاب لأنه من غير ذلك لا يمكن الفوز في الانتخابات. اضافة إلى ذلك هو يؤيد «العملية»، لكن الارهاب لا يمكن القضاء عليه بالقوة، واليسار ـ وسط لن يتعلم أي شيء ولن ينسى شيئا.

لا يمكن منع الانتفاضة القادمة بواسطة تهديد أي أحد، ويشمل ذلك هرتسوغ، بل بواسطة تغيير متطرف للاتجاه، الامر الذي لن يحدث هنا أبدا من تلقاء ذاته.

«العملية» لهرتسوغ ليست هكذا. الغاء الاعتقال الاداري مثلا سيمنع الارهاب أكثر من الوحدات الخاصة. لكن ليس لهرتسوغ واصدقاءه ما يقولونه عن هذا. هل المعسكر الصهيوني مع الاعتقال الاداري؟ ضد؟ إنهم يبحثون مرة اخرى عن الشخص القوي، الذي سيقنع الجمهور الإسرائيلي بأنه سيقضي على الارهاب وعلى العرب عموما، ومرة اخرى يضربون رؤوسهم بالجدار.

يبدو أنه ليس هناك فرصة لأن يتعافى اليسار ـ الوسط من عاداته؛ أن يسأل نفسه: لماذا يوجد ارهاب فلسطيني، وما هو عمل الجيش الإسرائيلي، اذا لم يكن ارهابا؟ التفكير القديم الذي هو اقناع الجمهور أنه سيضرب العرب مثل اليمين، لن يتخلص منه. اذا كان رئيس المعارضة يعتقد أن الانتفاضة الشعبية يمكن قمعها بالقوة؛ وأنه تكفي «عملية» من اجل وقفها؛ واذا لم يقترح تغيير ثوري للقيم والمواقف ـ فلماذا كل هذا العناء؟ مثل هذه يوجد لنا ما يكفي وأكثر.

من اجل «الانتصار على الارهاب بالقوة» لدينا موشيه يعلون. ومن اجل منع الانتفاضة القادمة بواسطة التهديد ـ «من سيحاول المس بنا سنمس به» و»نحن مستعدون لكل سيناريو» ـ يكفينا نتنياهو. من اجل القول للفلسطينيين إن انجازاتهم يستطيعون تحقيقها فقط بالقوة ـ بالخطف وبالاضراب عن الطعام وبصواريخ القسام وليس في المفاوضات ـ فلا حاجة إلى هرتسوغ. لأنهم يعرفون ذلك منذ زمن. ومن اجل تقديم يسار ذا وجهة امنية فلسنا بحاجة إلى هرتسوغ. غابي اشكنازي يقوم بالتسخين من اجل مهمة الأمل الأكثر يأسا التي أوجدها اليسار.

العسكري يقوم بتنفيذ «الرصاص المصبوب»، الشخص بدون مواقف (معروفة) لم يسبق أن قال أي شيء عن أي شيء، إنه الأمل الكبير والوحيد للمعسكر المعتدل في إسرائيل. هل يمكن تصديق ذلك؟ لماذا اشكنازي؟ لأنه الوحيد الذي لديه الفرصة لاسقاط نتنياهو. ولماذا نسقط نتنياهو اذا كنا سنحصل على اشكنازي؟.

والى أن تأتي ساعة الحسم، ويخرج اشكنازي من البيضة، سيكون هرتسوغ في منصب اشكنازي. وسيكون قائد الوحدة الخاصة لليسار. وهو سيهدد ويقمع وسيعد بـ «حرب لا هوادة فيها».

هذا أمر مضحك ومحزن في نفس الوقت.

هآرتس 

حرره: 
ه.م