معركة الرجوب الخاسرة

الرجوب

التصويت في الفيفا جعل جبريل عدواً ليس لإسرائيل وحسب ولكن للعالم العربي
بقلم سمدار بيري

 

صباح يوم الجمعة فقط كان جبريل الرجوب هو رمز الكفاح الفلسطيني ضد إسرائيل. فقد وصل رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني إلى مؤتمر الفيفا في سويسرا في محاولة للعمل على اقصاء إسرائيل من كل مباريات كرة القدم الدولية، وفي اللحظة الاخيرة فقط تحقق خلف الكواليس توافق منع التصويت على ذلك. أما الان، بعد خمسة ايام من ذلك، وبسبب ذاك اليوم المصيري في زيوريخ، يجد الرجوب نفسه يتعرض للهجوم من كل الاتجاهات.

لقد بدأت مشاكل الرجوب فور الحل الوسط مع إسرائيل، يوم الجمعة، حين اتهموه في غزة بالاستسلام وانتقدوا موافقته على مصافحة رئيس اتحاد كرة القدم الإسرائيلية عوفر عيني. إسرائيل هي الاخرى من جهتها، غضبت على الرجوب بسبب الحملة التي قادها ضدها في الفيفا، حتى وان كانت انتهت بتفاهمات وليس بالتصويت، فانها نجحت في احراجها ـ ولا سيما جعلت خطر المقاطعة تهديدا حاضرا تقريبا في كل هيئة دولية. وذلك بعد ملت القدس سلسلة التشهيرات من جانب الرجوب ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسحبت منه مكانة الشخصية الهامة جدا وحظرت عليه السفر إلى الخارج عبر مطار بن غوريون، قبل سنتين.

اما الان فليست إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي اصبح فيها الرجوب شخصية غير مرغوب فيها في اراضيها ـ والسبب في ذلك هو تصويت آخر في مؤتمر الفيفا يوم الجمعة، والذي تم بالفعل. فقد وصل رئيس الاتحاد الفلسطيني إلى زيوريخ مدعوما بريح اسناد من جانب الاتحاد الاردني، ومن جهته يعرب عن تأييده للامر الاردني علي ـ الاخ غير الشقيق للملك عبدالله ـ الذي تنافس على منصب رئيس الفيفا. ولم يفز علي في نهاية الامر بالمنصب، ورأى خصمه سب بلاتر ينتخب لولاية خامسة في المنصب، ولكن يبدو ان هذا لم يكن ذنب الرجوب ـ الذي حسب ادعائه في ذاك اليوم، منحه صوته. أما امس، مع ذلك، فقد انكشف بان هذه لم تكن الحقيقة ـ وان المندوب الفلسطيني صوت بالذات لبلاتر. في قيادة الفيفا اعربوا حتى عن العجب من اصرار الرجوب على الادعاء بانه صوت للامير الاردني، بعد أن وثقته كاميرات التلفزيون يحتفل بانتصار خصمه.

أما النفي القاطع الذي اطلقه الرجوب على مسمع من محرري الصحف في عمان فلم يجدِ نفعا. «كعادته، الرجوب يكذب بوقاحة»، كتب، وموقع الاخبار «المصدر» نشر سلسلة من الكاريكاتيرات المهينة بنجوميته.

وهكذا اصبح التصويت حادثة دبلوماسية، واضطر رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن إلى الحجيج إلى منزل الامير علي في عمان «للاعتذار على الخلل»، وهدد باطاحة الرجوب من رئاسة الاتحاد اذا ما اصر الدفاع علنا عن قراره. وهكذا عبر عمليا عن الغضب في السلطة الفلسطينية على خيانة رئيس اتحاد كرة القدم للامير علي ـ الغضب الذي لم يهدأ حتى بعد استقالة بلاتر أمس. وحتى سهى عرفات، أرملة الرئيس الراحل عرفات دعت إلى احالته عن منصبه.

أما الرجوب من جهته، فاتهم إسرائيل وكبير فتح وعدوه اللدود محمد دحلان، بانهم «تآمروا، اثاروا الشقاق وروجوا الاكاذيب». وطريقه عائدا إلى رام الله شقه بحذر: بداية سافر إلى تونس؛ وبعد ذلك، فحص لدى السفير الاردني اذا كان سيسمح بدخوله إلى المملكة؛ وبعد ان تلقى جوابا بدا له ايجابيا، طار إلى عمان. غير أنه في حينه، انتظرته مفاجأة: رجاله وهو ادخلوا إلى السيارات المحصنة وارسلوا إلى معبر الحدود في جسر اللنبي. وكانت الرسالة واضحة: لا تعود إلى الاردن، ليس مرغوبا فيك هنا.

واذا لم يكن هذا بكاف، فقد نجح الرجوب في أن يتنازع ايضا مع إمارة دبي في الخليج العربي. فالاميرة هيا هي شقيقة الامير الاردني علي، وهي التي أدارت له حملته الانتخابية لرئاسة الفيفا. وقد تابعت بغضب كبير السلوك المتذبذب لرئيس الاتحاد الفلسطيني، فقررت هي ايضا ابعاده من بلادها.
أما الان فالرجوب عالق في رام الله، إذ لا يمكنه ان يترك السلطة الفلسطينية لا عبر مطار بن غوريون ولا عبر مطار عالية في عمان الذي يسمى كمفارقة على اسم الاميرة الفلسطينية الراحلة وأم الامير علي والاميرة هيا.

يديعوت

حرره: 
س.ع