الاتفاق مع إيران سيسمح لسكان إسرائيل أن يعيشوادون أن يكون ممكنا تهديدهم بالخطر الوجودي

صورة توضيحية

اتفاق جيد بالكفاية
بقلم أفنير كوهين

 

خطاب بنيامين نتنياهو امام الكونغرس هذا المساء هو ثمرة سياسية فجة لا تذكر امريكا مثيلها. ولادتها في خطيئة العلاقة بين رئيس الكونغرس، الجمهوري الذي يمقت رئيسه، وزعيم اجنبي ومغرور قبل اسبوعين من الانتخابات في بلاده، والذي يستغل الكونغرس لاغراضه الانتخابية. ولا يتردد عرابا الفضيحة في تجاهل قواعد المسموح والمحظور في السياسة الامريكية وفي العلاقات بين الحلفاء. فضلا عن الشكل، فان المضمون مقلق بقدر لا يقل.

مذهل أن نتبين كيف أن كل الرأي العام الاسرائيلي، بما في ذلك خصوم نتنياهو، أخذ بلا جدال قوله في أن الاتفاق النووي المستقبلي مع إيران سيء جدا، وكل هذا حتى قبل أن يتوفر نص نهائي.

فهل الاتفاق سيء حقا بالقدر الذي يعرضه نتنياهو؟ صحيح انه ليس مثاليا من ناحية اسرائيل، بعيد عن ذلك، ولكن كمجمل فيه امكانية كامنة لمنفعة لا بأس بها لها. ثمة في الاتفاق ربما، بضعة امور تتطلب التحسين والايضاح، ولكن بالاجمال يدور الحديث عن حل وسط معقول، ومثلما في كل حل وسط، فان هذه مخاطر وآمال، نواقص ومزايا.

الشيطان يوجد دوما في التفاصيل، وهذه ليست متفق عليها بعد. ولكن مما هو معروف، فان معظم رجال المهنة يعتقدون بان الاتفاق ليس فقط حلا وسط نزيها، بل سيكون من الصعب جدا تحصيل حل وسط آخر يكون «جيد» أكثر. فالبديل للاتفاق هو واحد: استمرار العقوبات، انهيار الاتفاق المرحلي، استئناف التخصيب، وفي نهاية المطاف المواجهة العسكرية.

فليكن واضحا للجميع. امريكا (بما في ذلك الجمهوريون) تفضل على نحو ظاهر حلا وسط معقولا على المواجهة العسكرية.

ان نقيصة الاتفاق الكبرى، من ناحية اسرائيل، هي أنه لا ينزع عن إيران ذخائرها النووية. وعاد نتنياهو ليلوح بمطلب «صفر تخصيب»، ولكن يعرف الجميع بان هذا مطلب لفظي لا أملا سياسيا أو اساسا قانونيا له. ولا سند لمثل هذا الطلب في ميثاق منع انتشار السلاح النووي. ورغم هذه النقيصة، فلا يزال الاتفاق يقلص ويقيد الذخائر النووية لإيران إلى مستوى أدنى من ذاك الذي في الاتفاق المرحلي.

صحيح انه يمنحها شرعية كدولة حافة نووية. ولكن يجدر بالذكر انها باتت كذلك قبل التوقيع على الاتفاق المرحلي. في كل الاحوال، فان مسألة دولة الحافة ولدت من «الخطيئة الاولى» للميثاق نفسه: فهو يفرض الحظر على تطوير السلاح النووي، ولكنه لا يحظر على اعضائه صراحة أن يكونوا دول حافة.

للاتفاق هناك ايضا فضائل مميزة، جرى الحديث في البلاد عنها قليلا جدا. فهو يبعد على نحو ظاهر إيران عن القنبلة ـ من بضعة اسابيع مثلما كانت في 2012، حتى نحو سنة. والاهم من كل شيء، فان الاتفاق سيقيم نظام رقابة وشفافية في إيران لفترة طويلة جدا، نحو سنوات جيل. وبعد ذلك ستكون مكانتها النووية مثل كل دولة غير نووية اخرى ملتزمة بعدم النشر. قد لا يكون هذا مثاليا، ولكن كل شيء في أوانه.

رغم علله، فان الاتفاق المقترح بعيد عن أن يكون سيئا لاسرائيل ـ الدولة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط، حسب منشورات اجنبية، ولكن سيء جدا لنتنياهو. فالتوقيع عليه سيسمح لسكان اسرائيل أن يعيشوا على مدى سنوات جيل، وربما حتى اكثر، دون أن يكون ممكنا تهديدهم بالخطر الوجودي المحدق من إيران، وسينزع من نتنياهو علة وجوده كزعيم.

هآرتس

حرره: 
س.ع