دولة كل يهودها

يهود

كارولينا لندسمان

قبل أن يُعجل المعسكر المتشدد تبني قانون التهويد، عليه أن يسأل نفسه اذا ما كانت هذه خطوة موجهة ضد تأسيس قومية اسرائيلية تكون فيها حياة مشتركة بين كل مواطنيها. أليس هذا نوع من «التدافع» ليهود العالم المزيفين (ذوي الطابع الاوروبي وليس الفلاشمورا) ومن خلال تجاوز المنتظرين بكل هدوء ليكونوا جزءا من القومية الاسرائيلية بشكل كامل. المقصود بالطبع هو المواطنين العرب.

ما شأن الدولة والاصلاح في الدين اليهودي؟ ما شأن الدولة وسن قوانين تهويد ليس سوى اجراءات لتغيير الديانة؟ لا يوجد تداخل بين قانون العودة والدين. قانون العودة ساري المفعول بشأن الهجرة، ايضا لاولئك الذين لا يعترف الدين بهم كيهود، ويريدون الهجرة الى الدولة والعيش فيها حياة علمانية أو اصلاحية. لماذا تطلب الدولة فرض تعديل قوانين التهويد؟ هذا أمر غير منطقي: من اجل منع الهجرة المدنية بدون التهويد، أي من اجل منع الهجرة غير اليهودية، فان الدولة تفرض عمليا اليهودية بدون اعتبارات دينية. ويُعرف أن ذلك موجه ضد عرب اسرائيل.

كيف يجندون الاصوات المتشددة؟ من خلال القول أن الحديث هنا عن حرب ضد الفرض الديني. السلطة الدينية العليا تفرض تشريعاتها على مواطني اسرائيل، والاغلبية العلمانية تشعر بالمرارة من حيث الاعفاء من الخدمة العسكرية. لكن اعادة النظر وبدون مواقف مسبقة نجد أن هناك مساواة في العبء بين العلمانيين والحريديين: في الوقت الذي يدافع فيه العلمانيون عن الحدود الفيزيائية للدولة من خلال الخدمة في الجيش، فان الحفاظ على حدود هوية الدولة وضع على أيدي الحريديين.

الحريديون يعيشون حياة آمنة في الدولة دون أن يضطروا للخدمة في الجيش، أما العلمانيون فيعيشون في دولة تضمن هويتهم اليهودية بدون عبء تطبيق الفرائض الدينية.

إن الامتناع عن الفصل بين الدين والدولة في اسرائيل يعكس خوف اليهود من فنائهم كشعب. الطاقة الكامنة لم تكن في أي وقت دينية. حلم دولة اليهود، اقامتها وضمان استمرارها، كان وما زال من مسؤولية العلمانيين (هرتسل لم يُطهر إبنه، بن غوريون لم يتزوج زواجا دينيا). الاغلبية في الدولة تعلمت على جلدها أو جلد آبائها، أن سؤال من هو اليهودي طرح أكثر من مرة في التاريخ، بينما مصير الدين اليهودي فلم يهتم بأمره أحد.

قانون العودة هو أمر منطقي بالنسبة لمؤسسي الدولة: اسرائيل قامت من اجل اعطاء جواب على سؤال اليهود، وليس على سؤال اليهودية. معايير القانون واسعة جدا وتشمل كل من حياته في خطر بسبب كونه يهوديا، سواء اعتبر نفسه هكذا أو لا، وفي العقود الاولى لم تضطر الدولة الى الدخول في التوتر بين التعريف الواسع لقانون العودة وبين التعريف الضيق للدين اليهودي، لأنه في تلك الفترة من القرن العشرين كان يجب إما أن تكون يهوديا أو مجنونا كي تعلن عن نفسك بأنك يهوديا.

قانون التهويد هو تطور في العلاقة بين الدين والدولة، لكنه عمليا ليس إلا مصادقة جديدة عليهما. وبخلاف قانون العودة، فان المنطق من ورائه ليس صحيا. اسرائيل تسن قانون القومية اليهودية، وفي المقابل توسع مفهوم اليهودي ليشكل محطة استيعاب سرية من وراء ظهر المواطنين العرب وكل من يحلمون بالانتماء الى القومية الاسرائيلية.

 

هآرتس