خطاب الأسد كما رآه المجلس الوطني

في خطاب ألقاه اليوم في جامعة دمشق أعلن الرئيس السوري، بشار الأسد، أن استفتاءً على الدستور سيجري في بداية آذار/مارس المقبل، تليه الانتخابات البرلمانية، ومشدداً على سعيه إلى تأليف حكومة موسعة «تمثل جميع أطياف المجتمع». ولفت الأسد إلى أن أولوية السلطات حالياً هي «استعادة الأمن وضرب الإرهاب»، مؤكداً عدم تخليه عن السلطة، ومتهماً أطرافاً دولية وإقليمية بـ«التآمر» على سوريا، و«زعزعة الأمن» فيها، فيما إعتبر «المجلس الوطني السوري» أن الخطاب يتضمن «تحريضا على العنف».

رأى الناشط السياسي والمسؤول الإعلامي عن تجمع «الشارع السوري»، مهند عمر، أنه يأتي متسقاً مع «استمرار قوات الأمن والجيش في اقتحام المدن واعتقال المدنيين وقتلهم»، مؤكداً  أن الخطاب بمجمله «للأسف كان موجهاً إلى الخارج لاسترضائه، فيما تجاهل الوضع الداخلي، ورأى أن الثورة المشتعلة في البلاد استمرار للمؤامرة الخارجية، وعدّ الثوار السوريين أذرعاً لهذه المؤامرة».

وخلص عمر إلى القول إن هذا الخطاب «الذي تغنى بالحوار سيكون سبباً مباشراً لتمسك ثوار سوريا بمطالبهم، المتمثلة في إسقاط النظام عبر تفكيك الدولة الأمنية، والانتقال نحو الدولة الديموقراطية العلمانية».

من جهته، رأى رئيس تحرير موقع «كلنا شركاء» الإلكتروني، أيمن عبد النور، أن الخطاب تضمن ثلاث رسائل مهمة، مشيراً إلى أن تأكيد الأسد أنه باق بإرادة الشعب يعني أنه «لن يضع في الدستور الجديد فترتين لرئيس الجمهورية، وسيبقى مستمراً في حكم الناس بواسطة الرعب والخوف، ثانياً لن يستمرّ الحوار إلا إذا طلبت المعارضة ذلك».

أما في ما يتعلق بحكومة الوفاق الوطني، التي ستؤلّف قريباً، فقال عبد النور إنها «ستكون مثل الحكومات السابقة، ما عدا إشراك المعارضة المفبركة أمنياً فيها»، مشدداً على أن «الأخطر هو إعطاء الضوء الأخضر للشبيحة لإنهاء الوضع في المناطق الساخنة»، ومرجحاً وقوع «مجازر».

بدوره، قال ممثل سوري، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، إن خطاب الأسد «إلغائيّ بامتياز، يلغي كل من هم في الضفة الأخرى، كما أنه عنيف، ويؤكد على الاستمرار في نهج قمع الاحتجاجات»، لافتاً إلى أن «إنكار ما يحدث في سوريا هو إنكار لسوريا ووجودها اليوم».

في سياق متصل، اعتبر «المجلس الوطني السوري» ان الخطاب الذي القاه الرئيس السوري، بشار الاسد، يتضمن «تحريضا على العنف» ويبشر بلجوء النظام السوري الى «ممارسات اكثر اجراما».

قالت العضو في المجلس ،بسمة قضماني، في مؤتمر صحافي، ان الخطاب ينطوي على «تحريض على العنف، وتحريض على الحرب الاهلية، ويتضمن كلاما عن التقسيم الطائفي الذي يؤججه النظام نفسه ويشجع عليه»، مؤكدةً أن «ما يقلقنا اليوم هو ان هذا الخطاب يشير بقدر كاف من الوضوح الى ان النظام يتجاهل تاما المجتمع الدولي ... هذا مؤشر الى اننا نتجه نحو ممارسات اكثر اجراما واكثر تهورا من قبل النظام في الايام والاشهر المقبلة».

وفي وقت سابق من اليوم، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، في خطاب ألقاه في جامعة دمشق، أن استعادة الأمن في البلد هي «الأولوية القصوى» للسلطات في الوقت الحالي، متوعداً «بضرب الإرهابيين بيد من حديد».

وقال الأسد إن «الأولوية القصوى الآن هي استعادة الأمن الذي تميزنا به لعقود حتى على المستوى العالمي، وهذا لا يتحقق إلا بضرب الإرهابيين والقتلة، ومن يحمل السلاح الآثم بيد من حديد»، مؤكداً أنه «لا أعتقد أن عاقلاً يستطيع اليوم إنكار تلك المخططات التي نقلت أعمال التخريب والإرهاب الى مستوى آخر من الإجرام، استهدف العقول والكفاءات والمؤسسات بهدف تعميم حالة الذعر وتحطيم المعنويات».

ولفت الأسد إلى أنه لا يوجد «أي أمر على أي مستوى» لإطلاق النار على المحتجين الا في حالات «الدفاع عن النفس ومواجهة المسلحين»، كاشفاً عن أنه «بعد أن تنهي لجنة الدستور عملها سيكون هناك استفتاء على الدستور بداية شهر آذار/مارس».

إلى ذلك، رأى الأسد أنه بناءً على تاريخ الاستفتاء، ستجرى انتخابات تشريعية في أيار/مايو أو حزيران/يونيو المقبلين، مشدداً على أن «انتخابات مجلس الشعب مرتبطة بالدستور الجديد، وتعطي الوقت للقوى (السياسية الجديدة) لتؤسس نفسها (...) والجدول الزمني مرتبط بالدستور الجديد».

من جهة أخرى، اكد الرئيس السوري أنه يسعى الى حكومة «موسعة فيها مزيج من السياسيين والتقنيين، وتمثل أطياف المجتمع كله»، مضيفاً إنه «كلما وسعنا المشاركة فى الحكومة كان ذلك افضل بالنسبة إلى الشعور الوطني».

ورداً على مطالب محتجين وعدد من القادة الغربيين بالتنحي، أكد الرئيس السوري «أحكم برغبة الشعب، وإذا تخليت عن السلطة فسيكون برغبة الشعب»، لافتاً إلى أن «النصر قريب جداً».

وتوجه الأسد من سمّاهم أعداء بلاده «خسئتم، لست أنا من يتخلى عن المسؤولية لا في الأزمات ولا في الأحوال العادية، و أنا لا أسعى الى منصب، ولا أتهرب من المسؤولية، وأنا أستمد قوتي من الدعم الشعبي، وهذه المعركة لم تزدنا إلا صلابة».

أما في ما يتعلق بالجامعة العربية، فقد هاجمها الأسد، مشيراً إلى أنها «بلا سوريا تصبح عروبتها معلقة»، متهماً أطرافاً إقليمية ودولية بالسعي الى زعزعة استقرار سوريا، موضحاً أنه «لم يعد التآمر الخارجي خافياً على أحد، لأن ما كان يخطط في الغرف المظلمة بدأ يتكشف أمام أعين الناس واضحاً جلياً».

وتابع الأسد قائلاً: «الآن انقشع الضباب ولم يعد بالإمكان تزوير الوقائع والأحداث (...) وسقطت الأقنعة عن وجوه هذه الأطراف، وبتنا اكثر قدرة على تفكيك البيئة الافتراضية».

كذلك، رأى الرئيس السوري أن «الهدف كان أن يدفعوا باتجاه الانهيار الداخلي (...) وكان المطلوب ان نصل الى حالة من الخوف، وهذا الخوف يؤدي الى شلل الإرادة»، مؤكداً أنه «لم يعد الخداع ينطلي على أحد (...) الآن انقشع الضباب ولم يعد بالإمكان تزوير الوقائع والأحداث».

وفي السياق، وصف الأسد الخارج بأنه «مزيج من العربي والأجنبي»، مضيفاً: « للأسف، العربي اكثر عداءً وسوءاً من الأجنبي»، ومشيراً إلى أن «الجامعة العربية هي مجرد انعكاس للوضع العربي، ومرآة لحالتنا العربية المزرية»، مؤكداً أن «موضوع إخراج سوريا من الجامعة لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد».

ويأتي خطاب الرئيس السوري بعد يومين على تسليم رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا تقريره الأولي عن الأوضاع هناك إلى اللجنة الوزارية العربية في القاهرة، وبعد عشرة أشهر من بدء التحركات الاحتجاجية في البلاد.

الأخبار

أ ف ب