علينا وقف الخسائر والخروج

الاحتلال

بن كسبيت

بنيامين نتنياهو، موشيه يعلون وبيني غانتس يعترفون، في واقع الامر، بان ليس لديهم حل، ليس لديهم جواب. مع كل قوة اسرائيل، فانها لا تنجح في الحاق الهزيمة بحماس، لا تنجح في التأثير على حماس، لا تنجح في انتزاع وقف نار من حماس، هذه هي الحقيقة، ولا شيء غيرها

القرار بتقصير المدى، وقف الخسائر، قطع الاشتباك قدر الامكان والاعلان عن النصر اتخذ في المجلس الوزاري لانعدام البديل. في وضع الامور المضني الحالي، كان هذا هو القرار المنطقي الوحيد. اليوم، بعد نحو شهر من البداية، مع أكثر من 60 جنديا قتيلا، مع ائتمان دولي اشكالي ومع كارثة انسانية آخذة في الاقتراب في غزة، كان واضحا أنه بات متأخرا تغيير الاتجاه وعمل ما كان ينبغي عمله من اللحظة الاولى. وبالتالي، اضطر بنيامين نتنياهو أمس الى الوقوف، كيفما اتفق، امام الامة والاعلان باننا انتصرنا. أو أننا سننتصر في موعد ما. أنا في شك كبير اذا كان هو نفسه يؤمن بما يقوله.

بعد ست حالات من وقف النار لم تحترمها حماس، بعد خمسة أنفاق هجومية الحقت خسائر فادحة بالجيش الاسرائيلي، بعد الاف الصواريخ التي اطلقت من غزة الى اسرائيل والاف الاطنان من المواد المتفجرة التي امطر بها القطاع، قرر المجلس الوزاري قطع تيار الاهانات التي تعرضت لها هذه الاسابيع، والقطع.

صحيح أن نتنياهو ويعلون أعلنا امس بان «الحملة لم تنتهي، ولكن هذا كان للبروتوكول فقط. الجيش الاسرائيلي، كما بلغنا هنا يوم الخميس، سينهي موضوع الانفاق (دون أن نكون مقتنعين بانه انهي حقا) وسيعود الى منطقة خط الحدود. يحتمل أن نواصل الاحتفاظ بجانبي الجدار، كي نسمح بحرية العمل، ويحتمل ان لا.

العملية في رفح ستستمر، في محاولة لايجاد الملازم هدار غولدن، ولكن هي ايضا لا يمكنها أن تستمر الى الابد. بنيامين نتنياهو، موشيه يعلون وبيني غانتس يعترفون، في واقع الامر، بان ليس لديهم حل، ليس لديهم جواب. مع كل قوة اسرائيل، فانها لا تنجح في الحاق الهزيمة بحماس، لا تنجح في التأثير على حماس، لا تنجح في انتزاع وقف نار من حماس، هذه هي الحقيقة، ولا شيء غيرها.

مصير نتنياهو الان في أيدي محمد ضيف. اذا واصلت حماس اطلاق النار على اسرائيل وأزعجت الجيش الاسرائيلي كما تشاء، ما فعله في الاسابيع الاخيرة، سيفقد نتنياهو ما تبقى له من الثقة الامنية التي تمتع بها حتى الان. اذا ما أدت الخطوة الاسرائيلية الى نوع من الهدوء الذي يستقر الى وقف نار، فان بوسعه أن يدعي بان حقق «الردع». في هذه الحالة ايضا، سيكون من الصعب ان نشتري منه هذا.

أول أمس نشر في وكالة «ايه.بي» نبأ يقول ان نتنياهو اتصل بالسفير الامريكي دان شبيرو ووبخه بكلمات قاسية. «لن تشككوا فيّ مرة اخرى ابدا»، قال نتنياهو للسفير، وطالبه بمنح الثقة بالطريقة التي «يعالج فيها حماس».

وبالفعل، يحتمل ألا يشكك السفير شبيرو مرة اخرى بنتنياهو تحت تأثير هذا التوبيخ. ولكن ماذا عنا؟ من سيقنع مواطني اسرائيل الذين تحطم احساسهم بالامن في الشهر الاخير الا يشكك في المرة الاخرى التي يقف فيها نتنياهو وظهره الى عسقلان ووجهه الى غزة ويعلن باحتفالية بان «عندي هذا لن يحصل، عندي لن يصدر أمر بوقف الجيش الاسرائيلي، عندي الجيش الاسرائيلي سيسقط حكم حماس»؟ (يوتيوب، تحت الاسم «الرسالة اليومية» لنتنياهو 3/2/2009). من سيصدق نتنياهو في الحملة التالية حيث سيحاول ان يعرض نفسه مرة اخرى بانه «قوي حيال حماس؟».

ان وقفة نتنياهو التلفزيونية امس كانت في واقع الامر بداية حملة استجداء للجمهور: رجاء، واصلوا تأييدي. بعد أن أجرينا ترتيبا في بحر من الهذر الذي سكب علينا في تلك الوقف، يخيل أن أمرا واحدا واضحا يفهم منها: ليس لدى نتنياهو ي خطة. ليس لديه اي فكرة ابداعية. فقد تحدث عن «العبقرية» التي سنستخدمها حل مسألة الانفاق، ولكنه لن يشرح لماذا لم تستخدم هذه «العبقرية» حتى الان. فالمعلومات عن الانفاق كانت موجودة في شعبة الاستخبارات، في الجيش، في فرقة غزة، بل وحتى في جلسات اللجنة الفرعية في لجنة الخارجية والامن في الكنيست. أين كانت العبقرية حتى الان؟ ماذا كان سيحصل لو أن حماس وافقت على وقف النار المصري في بداية الاحداث؟ ما كنا سنتعرف على مؤامرة الانفاق، والتي كانت ستتفجر لنا في الوجه في موعد ما لاحقا. بالفعل، عبقرية.

هذا لا يعني أن حماس في وضع جيد. فقد دمروا غزة. هم، وهم فقط، مذنبون في قتل العدد الذي لا يصدق من النساء والاطفال. فقد أخذوا قطعة ارض مأهولة باكتظاظ وبدلا من تحويلها الى حديقة مزدهرة – جعلوها بؤرة كراهية وارهاب لم تترك لاسرائيل أي مفر. المشكلة هي أن حماس لا يهمها. حماس تعترف بانها تقدس الموت. انا نحن، بالمقابل، فنقدس الحياة.

اسرائيل متوترة حتى النهاية. اجازة الصيف شبه تآكلت، المصانع والاعمال التجارية في الجنوب تنهار – في تل أبيب وفي الشمال ايضا. استيعاب متدن في معظم الاماكن، السياحة تراجعت، المجتمع الاسرائيلي الغربي، الذكي، المدلل، لا يمكنه أن يصمد أمام ذلك لزمن طويل آخر. نتنياهو فهم هذا.

كما أن حقيقة أن الوضع في غزة يوشك على الانهيار وامكانية اندلاع الاوبئة تصبح ملموسة أكثر من لحظة الى اخرى، عرضت على المجلس الوزاري. واستمرار الحملة معناه نزف آخر من القتلى على اساس يومي، تآكل آخر في الشرعية الدولية، مراوحة في المكان مستمرة في مستنقع الدم الغزي المستشري.

الان بات متأخرا جدا اتخاذ خطوات حادة وبنزعة قوة. الان، على ما يبدو، بات متأخرا القيام بأعمال ابداعية من الوحدات الخاصة. الامر الاكثر ذكاء والذي يمكن عمله الان هو تخفيض مستوى الاهتمام والشروع في الخروج. وهذا ما نفعله. وماذا سنفعل غدا؟ سؤال جيد. قبل كل شيء، سارع نتنياهو الى الغاء جلسة الحكومة الخاصة المقررة غدا. فهذا وحده ما ينقصه الان في الحياة. اذا كان ممكنا الشروع بتجاهل حماس، فيمكن محاولة تجاهل الحكومة ايضا. حاليا على الاقل.

 

معاريف الاسبوع