حياتنا - المصالحة النووية

7afeth_barghouty

يبدو المواطن الفلسطيني الآن حائرا.. يسمع عن حوارات ولقاءات واعلانات وتفاهمات ولا يرى شيئا على الارض.. بدأ الحديث في الشارع عن بورصة الوزراء التكنوقراط. لكن لم نسمع عن مشاورات.. سألني اكثر من زميل عن توزيع الصحف في غزة وبالعكس فقلت اسألوا لجنة الحريات.. وسألني آخر عن احتمالات عودة كوادر فتح من الخارج فقلت ان حماس لا تريد عودة احد الا بضعة اشخاص لانها اختلقت ملفات جنائية للآخرين لمحاكمتهم.. باعتبار ان فتح اسقطت جرائم الانقلاب ولم تعد تطالب بدم احد من شهدائها. سمعنا عن انتخابات ثلاثية متزامنة.. لكن موعدها يتباعد لان لجنة الانتخابات في غزة لم تتسلم مكاتبها وتحتاج الى مئات المكاتب لتحديث السجلات.. وسمعنا عن حكومة تكنوقراط فإذ بها تتحول في مداولات وتصريحات حماس الى حكومة مسماة منها طالما ان رئيسها من فتح.. وسمعنا عن ان الحكومة تحتاج الى حلف يمين امام التشريعي رغم ان رئيسها هو رئيس السلطة.. وحلف يمينه كرئيس للسلطة ونظامنا رئاسي وليس برلمانيا.. فهل سيكون الرئيس متعدد الحلف؟ وهل التشريعي كامل الاوصاف الآن؟ فإن كانت الحكومة ستحلف اليمين أمامه فإن بوسعه سحب الثقة فيها في اليوم التالي.

اتفاق المصالحة ككل هدفه انهاء الانقسام وليس تكريسه او تكريس مسبباته وما نتج عنه من كوارث وطنية وانسانية وقانونية.. فالاصل ان نهب نحو الانتخابات ومن يفوز له مطلق الحرية في الحكم الراشد او الجاحد او الحاقد او الرشيد او المديد.. فالمماطلة لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا وكلما اوغلنا في التفاصيل نجد انفسنا غارقين في الاسباب ولا نخرج منها ابدا.. إذ يبدو ان هناك في حماس من يحبذ الانتظار الى ما بعد انتخابات الرئاسة المصرية وانقشاع غبار الانتفاضات التي فاز فيها من تعتبرهم حلفاء حتى تقرر المصالحة من عدمها فان لم توصلها المصالحة الى السلطة فلا ضرورة لها, وعندما نرى وزير شرطتها فتحي حماد ذا المآثر القمعية في غزة على منبر الازهر في المكان الذي وقف فيه الزعيم عبد الناصر ذات سنة معلنا المقاومة ضد العدوان الثلاثي فاننا لا بد ان نوقن ان علامات الساعة اقتربت, فحماس بذلك تنفذ نصيحة ايرانية مفادها تعاملوا مع ملف المصالحة مثلما نتعامل مع الملف النووي.. اي المماطلة وكسب الوقت، بينما الوضع الفلسطيني لم يعد يحتمل الانتظار لأن جرافة الاستيطان تقترب من المسجد الاقصى، فبدلا من تخصيب عناصر النجاح للمصالحة نجد هناك من يخصب عناصر العرقلة باعتبار ان القضية غير مهمة ومنبر الازهر اهم من منبر الاقصى, فنحن نفهم ان تماطل ايران في النووي لأنها تطمح الى انتاج سلاح نووي في مخابئها السرية في الانفاق.. اما الذي تطمح اليه حماس فهو استمرار ريع الانفاق. وامام وضع هزلي كهذا وجب على فتح البحث عن بدائل, وما اكثرها! وان كانت مرة لكنها اقل مرارة من الهرولة نحو المجهول.