توافق في كل شيء .. حتى الحرب

بيروت: اعتبر المساعد السابق للرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس، في مقالة نشرها في صحيفة «واشنطن تايمز» بالاشتراك مع الباحث في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» دايفيد ماكوفسكي، أن الاجتماعات الأخيرة بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو طرحت عددا من النقاط المشتركة بين الدولتين حيث انهما يتفقان على أن الهدف هو منع إيران من حصولها على السلاح النووي وليس احتواءها، بالإضافة إلى أن من شأن تسلح إيران أن ينتج سباق تسلح في المنطقة.

أما الاختلاف بين الدولتين فهو ناتج عن حقيقة أن الولايات المتحدة نتيجة لقدرتها العسكرية الفائقة قادرة على إعطاء الحل الدبلوماسي فرصة أكبر من إسرائيل، لأن الأخيرة كما قال وزير الدفاع إيهود باراك، في حال حصول إيران على القدرة النووية، لن تعود قادرة على استخدام الحل العسكري.

لذلك يعتبر الكاتبان أنه من أجل الحفاظ على الحل الدبلوماسي يجب على المحادثات التي ستجري بين إيران ومجموعة «5 + 1» في 13 نيسان الحالي أن تطمئن إسرائيل الى أنها ستؤدي إلى نتائج تجعلها تتخلى عن خيارها العسكري، «وبالتالي يجب على واشنطن تحديداً أن تؤكد لإسرائيل أنها ستبحث عن مؤشرات ملموسة وقابلة للتحقيق بأن إيران ستستجيب لكافة التزاماتها في ما يتعلق ببرنامجها النووي. ثانياً، على المسؤولين الأميركيين أن يناقشوا تلك المؤشرات مع الإسرائيليين واستشارتهم حول المفاوضات الجارية. ثالثاً، على واشنطن أن تناقش مع الإسرائيليين والإيرانيين ومجموعة الخمس وألمانيا الإطار الزمني لتقدم المفاوضات بما يبرر استمرارها. ورابعاً، يجب على الولايات المتحدة أن تؤكد أن فرصة الحل الدبلوماسي بدأت بالنفاد وأن خيار استعمال القوة مطروح».

ويعتبر الكاتبان أن على إسرائيل أن تفهم جيداً أنه في حال فشل الحل الدبلوماسي، فإن نجاح الحل العسكري سيكون محدوداً إن لم يترافق مع عقوبات دولية لمنع وصول مواد أساسية لإيران لإعادة بناء مشروعها النووي.

في المقابل، اعتبر الباحث في معهد «أميركان إنتربرايز» والمستشار السابق في إدارة بوش حول إيران والعراق مايكل روبين، في مقابلة مع وكالة «طوران للأنباء» في أذربيجان أن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وصل إلى أقصى درجاته منذ إدارة الرئيس أيزنهاور في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث أان الإسرائيليين يعتقدون أن إدارة أوباما تصالحت مع فكرة حصول إيران على السلاح النووي، وبالتالي فإن إبلاغ الأميركيين بأي مخطط عسكري على إيران من شأنه أن يلغي عنصر المفاجأة لأن واشنطن ستسرب المعلومات. وفي المقابل، فإن إدارة أوباما تتخوف من أن ضربة عسكرية إسرائيلية ستؤدي إلى نتائج استراتيجية كارثية، وإلى ارتفاع في أسعار النفط خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

لذلك، فإن استخدام إسرائيل لقواعد أذربيجان من شأنه أن يزيد من عنصر المفاجأة وسيمكن إسرائيل من ضرب العمق الإيراني. وبالتالي فإن كانت الإدارة الأميركية ووكالاتها الاستخبارية هي من سربت تلك المعلومات، فالهدف هو تصعيب عنصر المفاجأة الإسرائيلي وزيادة الضغط الإيراني على أذربيجان.

ولا تزال الوكالات الاستخبارية الأميركية مترددة بشأن تأكيد سعي إيران للحصول على القنبلة النووية، خاصة أنها تتخوف من تكرار الخطأ الذي حصل في العراق، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

ويخاف المسؤولون والمحللون في وكالة الاستخبارات الأميركية أن تتأثر مصداقية الوكالة خاصة في ظل التهديدات باللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران. وقد أثر ما حصل في العراق على طريقة قيامهم بعملهم وتقييمهم للأدلة ووضع الاستنتاجات.

وقال مسؤولون في الوكالة إن المحللين يعتقدون أن إيران توسع البنية التحتية والقدرة التكنولوجية لديها بهدف أن تصبح قوة نووية، لكن القيادة الإيرانية لم تتخذ حتى الآن قراراً بتصنيع القنبلة النووية. ويعترف مسؤولون سابقون وحاليون في الإدارة الأميركية بوجود ثغرات حقيقية في معلوماتهم، ومن المحتمل ألا يكونوا قادرين على الكشف عن أي قرار إيراني للبدء بمشروع التسلح الذي كانوا قد استنتجوا توقفه في العام 2003.

وبخلاف ما حصل في عهد إدارة بوش، حين انتقد الكثيرون طريقة المسؤولين في اختيار المعلومات التي تناسب سياساتهم، يعتقد العديد من المحللين اليوم أنه ليس هناك أي دليل على أن إدارة أوباما تستخدم التوجه ذاته للحصول على معلومات استباقية.

وفي المقابل، يعتبر بعض المحافظين والمؤيدين لخيار أكثر عدوانية على إيران أن أوباما لا يريد أن تصدر الوكالات الاستخبارية أي تقارير تظهر أن إيران تتجه نحو بناء القنبلة النووية.

ويقول الباحث في معهد «أمريكان إنتربرايز» والسفير السابق لإدارة بوش لدى الأمم المتحدة جون بولتون ان «المحللين الاستخباريين الذين عملت معهم كانوا يستعدون دائماً لمناقشة استنتاجاتهم، لكن هناك اليوم ضغطا من الأعلى بأن يخرج تقييمهم بطريقة معينة».

السفير