فلسطين الشمالية.. فلسطين الجنوبية، وما بينهما اسرائيل!!

استعرض عضو اللجنة المركزية السابق لحركة فتح احمد قريع( ابو علاء) صاحب الباع الطويل في المفاوضات، ومهندس العديد من الاتفاقيات، مآل اليه وضع التسوية السلمية، وسقوط حل الدولتين، وضرورة التوجة الى الدولة الديمقراطية الواحدة.

كدنا نشاطره الراي الذي نحترم فيه وجهة النظر هذه، وهذا الفكرة الجديدة هي قديمة منذ سبعينيات القرن الماضي. طرحها الشهيد الرمز القائد الرئيس ابو عمار. ونوافقه لو ان الصراع محسوم بين الطرفين الفلسطيني – الاسرائيلي. انطلاقا من اننا نسمو على كل عناصر العنصرية، من دين وعرق ولون ولغة، ونرفع شعار التعايش بين الاديان في ارض السلام.

ولكن من نحن؟ سؤال يجب ان نطرحة بجرأة وشجاعة. هل نمسك بخيوط اللعبة حتى نطرح المبادرات؟ او نحن الطرف الاقوى؟ لنفرض مشروعنا بقوة.

الجواب نحن قوم منقسمون على انفسنا!! لا نقوى على الحراك لحل بعض الاشكاليات الادارية والحياتية، وافتقدنا الى اللغة الواحدة فيما بيننا،لا نعرف الا الشكوى والنحيب، فاقدو الارادة على المستويين الداخلي والخارجي. واكثر من ذلك نعمل عل تقسيم المقسم.

لقد طالب الشعب بانهاء الانقسام، وكُذِبَ عليه وقيل له لبيك. ويبدوا ان الطرفين الشعب والقيادة يكذبان على بعضهما، او استسلما لقدرهما، فلا الشعب اصر على مطلبه ونزل الشارع، ولا القيادة اوفت بوعدها. مع ان الجميع ادرك ان نقطة الضعف الاساسية في انهزام مشروعنا الوطني هو الانقسام البغيض.

اليوم تتفنن من تنصب نفسها قادة بالاكراه في غزة، بحبل الكذب، وتخترع الازمة تلو الازمة للهروب من الاستحقاقات بدءا بالمصالحة ونتائجها التي ستهدم كل ما هو باطل، الى ازمة الكهرباء، فضلا عن الهروب من ارض المعركة، وفبركة الاكاذيب التضليلية ضد قيادة رام الله لممارسة اوسع حملة من الاعتقالات، وممارسة سياسة التعسف. ولا يغيب عن البال ازمتها الداخلية التي انفجرت بشكل واسع بعد اعلان الدوحة.

ليس هناك ابشع من استغلال الازمات التي يكون ضحيتها الشعب، لتمرير مشروع سياسي،فلم يعد يخفى على احد، ان هناك توجها لفصل قطاع غزة عن وحدته السياسية والجغرافية في اطار المشروع الوطني، وبناء كيان انفصالي يخرج قطاع غزة من اي التزام اسرائيلي بصفتها دولة محتلة، وتحميل مصر التي تعيش مرحلة مخاض ما بعد الثورة مسؤولية القطاع.

لا يحسد سكان غزة على وضعهم المأساوي، ويحتاجون الى جهد كبير لاخراجهم مما يعانون من اضطهادات مركبة، فما زال الاحتلال يتحكم يمعظم المعابر، ويمارس عدوانيته من قصف وقتل ساعة ما يشاء، ويستمر في حصاره، وما يعجز عنه، تكمله حماس غزة من قتل وارهاب واعتقال، وفرض الضرائب والخوات، وبناء دولة الانفاق والنفاق والمحسوبيات، وتفتعل الازمات لتصدير ازمتها، وتتهم السلطة في رام الله عبر سياسة الاضاليل الكاذبة المكشوفة، رغم كل ما تتحمله السلطة من التزامات تجاه الموظفين والشؤون الحياتية للمواطنين، والسلطة لم تتهرب من دفع التزاماتها تجاه الكهرباء، ولكنها تحتج على سياسة الضريبة التي تجنيها حماس وتذهب الى حساب المتنفذين في سلطة الانقلاب، في حين ان السلطة تدفع ثمن الكهرباء.

لن ننجح في اي مسعى فلسطيني، في ظل الانقسام، ولن ننجح سواء في الدولة المستقلة، او الدولة الديمقراطية الموحدة.لاننا نفتقد الى الارادتين السياسية والوطنية، ونقدم الخاص على العام، وظاهرة الانقسام تفشت بنا حتى داخل الفصيل الواحد، ولم يبق من نسيج القادة التاريخيين إلا القلة، والشعب استهواه مشاهدة المشهد العربي دون ان يستلهم منه شيئا، واضاع جوهره الاساس الذي علمه لكل الشعوب، واصيب بحالة من الكسل والتأكسد، ففقد ارادته الشعبية صانعة الانجازات، وهو الذي خاض اطول الانتفاضات في التاريخ ضد المحتل.

هل يأتي الزمان القريب الذي يصبح لدينا فلسطين الشمالية، تلك الدويلة التي ابتلعها الاحتلال بالاستيطان، ام فلسطين الجنوبية التي تتنفس من معبر رفح وتتبع الربيع العربي المليء بالاشواك، ويحتاج الى الكثير الكثير من التشذيب، والى اعادة النظر، وربما يحمل في طياته الكثير من الثورات المضادة.

ان اسرائيل المستفيد الاول من كل هذا، تتوسع في استيطانها، وتتوغل في مدننا وقرانا، وتحجب اموالنا، وتهود قدسنا، وتعمل لالزامنا بالدولة اليهودية النقية، التي تسقط حق العودة لملايين اللاجئين. وقد نستيقظ يوما على اسرائيل الكبرى نكون فيها مجرد عبيد نخدم قاتلنا. وتصبح فلسطين شيئا من ماضي كان فينا ولم نكن فيه.

عفوا اخي ابو علاء لنبني دولتنا الموحدة اولا، ثم نبدا التفكير في رحاب الدولة الديمقراطية، قبل ان نصبح كالسودان جنوب وشمال، والانكى ان تكون الانفصالية ليست من النسيج العربي كجنوب السودان. لا اعتب عليك بل اعتب على انفسنا نحن الشعب الذي استكان في لحظة الثورة. وكأن الترمال في غزة نال منا جميعا.

احسان الجمل

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان