التكتيك الفلسطيني في عام الركود -7-

generalement

رابعاً: العلاقات الفلسطينية - الدولية.

1- بعد ان اثبتت اللجنة الدولية الرباعية فشلها في تحمل مسؤولياتها لتكريس خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وفي السياق تخلي الولايات المتحدة عن دورها كراع لعملية السلام من خلال انحيازها المطلق لدولة الابرتهايد الاسرائيلية، وعدم تمكن روسيا الاتحادية من ان تكون ندا للادارة الاميركية, لم يعد مجديا المراوحة في ذات المكان، ولم يعد مقبولا للقيادة الفلسطينية رهن سياساتها لمشيئة أحد، وفي نفس الوقت, البحث عن بدائل تعيد الاعتبار للقضية والذات الوطنية من خلال إعادة القضية الفلسطينية الى الشرعية الدولية, رغم المعرفة المسبقة بأن الامم المتحدة تخضع لابتزاز القيادة الاميركية. مع ذلك هناك مساحة واسعة في الجمعية العامة ومنظمة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة وكل المنظمات المتفرعة عنها مثل اليونسكو وغيرها تستطيع القيادة الفلسطينية بدعم العرب وكل انصار السلام في العالم انتزاع قرارات دولية تدعم الحقوق الوطنية, وتفضح في نفس الوقت إسرائيل كدولة محتلة ومعادية للسلام.

وهنا تجدر الاشارة، الى ان القيادة الفلسطينية كان عليها ان تذهب للجمعية العامة قبل التوجه لمجلس الامن للاعتراف بالدولة الفلسطينية ومن خلال ذلك الحصول المباشر دون ضجيج على عضوية كل المنظمات المتفرعة عن المنظمة الدولية، لا سيما وان القيادة ادركت انها في ظل الاستعصاء الاميركي لن تتمكن من الحصول على دعم (9) تسعة اصوات في مجلس الأمن.

بالتأكيد التوجه للجمعية العامة والحصول على عضوية غير كاملة للدولة الفلسطينية ومن خلال ذلك التمتع بعضوية كاملة في المنظمات الدولية المتفرعة عنها, لا يلغي بحال من الاحوال التوجه لاحقا لمجلس الامن للحصول على الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67. ولكن تكون القيادة وضعت في يدها ورقة قوة اضافية تتمثل بالحصول على مكانة دولة مراقب وعمليا عضوية المنظمات المتفرعة عن الامم المتحدة بما فيها محكمة الجنايات الدولية ومطاردة قادة الدولة الاسرائيلية كمجرمي حرب. وبالتالي على القيادة الآن وفورا, ودون التقيد بالرسائل التي ترسلها اميركا او اسرائيل, التوجه للامم المتحدة للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والانضمام للمنظمات الدولية وخاصة محكمة الجنايات الدولية, ولاحقاً تقديم لوائح اتهام ضد القيادات السياسية والعسكرية الاسرائيلية والمطالبة بمحاكمتهم كمجرمي حرب.

2- في ضوء الانتهاكات والاجتياحات الاسرائيلية المتواصلة, ومصادرة الاراضي وتهويدها وتوسيع المستعمرات المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة 67، والغياب الكلي لدور السلطة الوطنية على القيادة الفلسطينية ان تتوجه للامم المتحدة للمطالبة بالحماية الدولية الكاملة أولاً لابعاد شبح الاجهزة الامنية الاسرائيلية وجيش الاحتلال الاسرائيلي وقطعان المستوطنين, الذين يعيثون في الارض فسادا، وضمان الحرية النسبية للشعب الفلسطيني وقيادته السياسية بادارة أموره وقضاياه الوطنية وصولا الى طرد الاحتلال كليا، واقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على الاراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

3- ومطلوب مباشرة إعلان القيادة الفلسطينية في ضوء انغلاق الافق السياسي، ورفض اسرائيل لخيار حل الدولتين للشعبين على حدود 67، سحب الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل. ومطالبة إسرائيل إن كانت معنية بالتسوية السياسية الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا وايضا بالدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية دون تردد او تلكؤ وتسويف. لأن بقاء الحال على ما هو عليه يعني القبول الفلسطيني بما يجري، ولا يمكن للمواطن الفلسطيني ان يفهم موقف القيادة الوطنية.

وفي السياق، مطلوب من القيادة اعادة الاعتبار للقرارات الدولية, التي كفلت للشعب الفلسطيني الحق في استخدام كل اشكال النضال بما فيها الكفاح المسلح, لأن الواقع القائم يميط اللثام أن إسرائيل ليست بريطانيا العظمى, والشعب الفلسطيني ليس الشعب الهندي, دون ان يعني ذلك التخلي عن شكل النضال السلمي كشكل رئيسي للكفاح الوطني، ولكن هذا الشكل لا يجوز ان يكون سيفا على رقاب الفلسطينيين في ضوء التغول الاسرائيلي وسحقه للمشروع الوطني.

وما لم تنزع القيادة الفلسطينية نفسها من واقع الحال البائس راهنا فإنها ستفقد مصداقيتها امام شعبها والعالم اجمع. ولا يتم ذلك من خلال المراوحة في ذات المكان وانتظار رحمة نتنياهو او اوباما. اذا كان اوباما وكانت الادارة الاميركية معنية بخيار حل الدولتين للشعبين عليهم جميعا في اميركا وأوروبا وفي النظام السياسي العربي دفع الامور لتطبيق هذا الخيار من خلال الزام اسرائيل بدفع استحقاقات التسوية السياسية كاملة دون اي مماطلة وقبل فوات الاوان. بتعبير آخر ما لم يقرع الفلسطينيون الاجراس, ويهزوا اضلع المشهد المقيت القائم فإن الحقوق والمشروع الوطني برمته سيذهب نحو الجحيم.

4- تفعيل وتوسيع نطاق المشاركة الدولية في المناسبات والفعاليات الوطنية في الاراضي الفلسطينية وفي بلدان العالم المختلفة. فضلا عن المناسبات الطارئة كالتضامن مع أسرى الحرية او المواقف والاعتصامات والتظاهرات والندوات ضد الاجتياحات وعمليات القتل الاسرائيلية المتواصلة . وايضا دفع المتضامنين الامميين للقدوم الى الاراضي الفلسطينية وحشد جهودها الى جانب جهود المتضامنين الاسرائيليين والفلسطينيين والعرب، لتعرية الجرائم الاسرائيلية, وارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم.

كما تفرض الضرورة توسيع التعاون الفلسطيني مع المؤسسات والمنابر الدولية الاكاديمية والثقافية والاعلامية والبرلمانات والمنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية المختلفة لتحقيق اكثر من هدف أولا: عزل دولة الابرتهايد الاسرائيلية؛ وثانيا ممارسة المزيد من الضغط الدولي على اسرائيل للاقرار بالحقوق الوطنية؛ وثالثا الدعم المتواصل للحقوق والاهداف الوطنية الفلسطينية, وتوسيع هذا النطاق في مناحي الحياة المختلفة.

هذه محاولة متواضعة لتسليط الضوء على بعض الجوانب التكتيكية, التي يمكن العمل على اساسها، ويمكن ان تشكل مدخلاً لتوسيع النقاش حول ما يجب على القيادة القيام به، لان الجميع مطالب بالادلاء برأيه وتحمل مسؤولياته الوطنية تجاه ما يجري من تبديد وانتهاك لا بل قتل بدم بارد اسرائيلي واميركي وبعض عربي للحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية.