القبة الحديدية وحدود النجاح والفشل

generalement

مما لاشك فيه ان القبة الحديدية في اليوم الاول والثاني للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة حققت نتائج إيجابية بمعايير ما كان سابقا، واستطاعت التصدي لعدد كبير من الصواريخ الموجهة من المنظمات الفدائية على المدن والقرى داخل حدود إسرائيل. غير ان هناك تضارباً في الارقام، التي اوردتها المصادر الاسرائيلية العسكرية عن عدد الصواريخ المعترضه. فبعضها يقول تم التصدي لنسبة 75% من الصواريخ في اليوم الثاني، اي تم اعتراض (56) من (71) صاروخ غراد.

لكن في اليوم الثالث اختلفت المعادلة لأن حركة الجهاد واللجان الشعبية وباقي الاذرع العسكرية لفصائل العمل الوطني أَدخلت تعديلات على آليات الاطلاق بناء على تدخل إيراني ما اربك القبة الحديدية، واصاب القائمين عليها بالصدمة نتيجة فشلها في اعتراض الصواريخ. رغم ان القيادات العسكرية والسياسية الاسرائيلية بقيت تعزي نفسها فاستمرت في التغني بالنجاحات التي حققتها القبة الحديدية. مع انها (القيادات) تعرف الحقيقة جيدا.

ما تقدم يؤشر الى ان حدود نجاح القبة الحديدية كانت محدودة جدا، وهذا يعني ان نسبة الفشل كانت الاعلى. وهو ما يدلل على ان البروفة الاولى للحرب الاسرائيلية ضد إيران وجنوب لبنان كانت فاشلة.

ولم تقتصر حدود الفشل في قدرة القبة الحديدية، بل تجاوزت ذلك الى مناح أخرى، منها اولا عدم تمكن الاستخبارات الاسرائيلية وطيرانها من الكشف عن مخازن الصواريخ بعيدة المدى، التي تتجاوز قدراتها التفجيرية صواريخ «فجر 3و5»، ومداها ابعد. وثانيا العدوان أكد فشل حركة حماس في السيطرة على الاوضاع الامنية في القطاع؛ وثالثا اكد ان ايران استطاعت ان توجه لطمة لكل من اسرائيل وحماس على حد سواء من خلال دعمها واعتمادها على حركة الجهاد الاسلامي تحديدا، التي اكدت جدارتها في معركة المواجهة مع اسرائيل: ورابعا الاسراع في الوصول الى التهدئة او الهدنة، افقد اسرائيل إمكانية الفصل بين قطاع غزة وسيناء، التي امست منذ الثورة المصرية مساحة مفتوحة ليس فقط لتهريب الاسلحة، وانما مكانا آمنا للخلايا الفدائية المنتشرة فيها، وايضا مستودعا لاسلحتها، وممرا للاسلحة المهربة من ليبيا والسودان وغيرها من الدول.

حتى عامل الاطمئنان لحماس من قبل حكومة نتنياهو كضابط للامن فشل، لأن بعض كوادر ومجموعات القسام تمردت على قرار قيادتها السياسية، الداعية لضبط النفس وعدم الدخول في المعركة، وذلك للحصول على شهادة حسن سير وسلوك من الغرب عموما واميركا خصوصا وايضا دولة الابرتهايد الاسرائيلية، وجهزت قذائفها الصاروخية لاطلاقها في اليوم الخامس، لأن ظهر حركة حماس وكتائب عز الدين القسام انكشف وتعرت تماما امام كوادر الحركة المضللين، إلا ان التوصل للتهدئة قطع الطريق عليهم.

المحصلة جاءت نتائج العدوان الاجرامي الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة فاشلة، ولم تتمكن من تحقيق الاهداف المرسومة لعدوانها، رغم الخسائر العالية في ارواح الشهداء والجرحى والاضرار الجسيمة، التي تكبدها المواطنون العزل في محافظات غزة. الامر الذي يشي بان حكومة اليمين الصهيوني المتطرف لن تتوانى في المستقبل المنظور عن شن عدوان وحشي جديد لاستكمال مخططها الاجرامي الامني والسياسي، المتمثل بتصفية خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 67.