ماذا تُعلم الاستخبارات الاسرائيلية ضباطها حتى لاتتكرر هزيمتها عام 1973؟

خاص زمن برس

حرصت إسرائيل على مدار الأربعين عاماً الماضية على التأكيد أن استخباراتها، حصلت معلومات تفيد أن حرباً وشيكة ستبادر اليها مصر وسوريا، عشية حرب رمضان عام 1973، ولكن تحليل تلك المعلومات كان خاطئاً بحسب الخبراء العسكريين الإسرائيليين وخلُصت تلك التحليلات الى أنه لن تنشب حرب. آثار ذلك الفشل ترافق، جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" التابع لجيش الاحتلال خصوصاً، اللواء ايتاي برون، رئيس وحدة الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال ، والتي يتم فيها حتى اليوم معالجة كل المعلومات وحتى المعلومات الصغيرة عن العالم العربي والدول الاسلامية خصوصاً إيران وأفغانستان، من أجل تكوين صورة استخبارية كاملة، والتي تشكل أساساً، لاتخاذ القرارات لدى المستوى السياسي والعسكري في اسرائيل.

ورغم أنه منذ الأربعين عاماً الماضية – حرب رمضان- طرأت تَغيّيرات جذرية على الوسائل القتالية، وتكتيكات القتال تغيرت تماماً خصوصاً أن أساليب جمع المعلومات وتحلليها، وبقيت العقدة التي نجمت عن تلك الحرب متأصلة، لدى جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ، ويؤكد رئيس وحدة الأبحاث في "أمان" ذلك بالقول:" بدون أدنى شك، الفشل الاستخباري في يوم الغفران متواجدٌ معي يومياً وغالبية اليوم أعيش معه".

وأضاف:" إن ذلك الفشل يرافقني خلال النقاشات، ذلك الفشل يرافقني عندما اقرأ الأوراق، ذلك الفشل حاضر هنا بشكل كبير، في وحدة الأركان وفي أماكن أخرى، وفي أماكن أخرى في جهاز الاستخبارات العسكرية أمان".

ويخلص اللواء ايتاي برون، رئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية إلى"  أن سبب اخفاق الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية بتحديد موعد الهجوم المصري السوري المشترك عام 1973  تركز في أمرين أساسيين، هما محدودية الخيال، والتمسك بوجهة نظر مسبقة، ووجهة النطرة المسبقة مكونة من جزأين، الجزء الوأل كان يقول أن مصر لن تبادر لحرب حتى تحصل على قدرات تؤهلها من ضرب عمق مناطقنا، والجزء الثاني من النظرة المسبقة كان يقول أن سوريا لن تبادر الى حرب بشكل منفرد دون مصر".

 

وسأل روني داني الخبير العسكري الاسرائيلي المخضرم اللواء برون:"لماذا الاستخبارات العسكرية أمان بالرغم من الإشارات التي وصلت إليها عامي 72 و 73، وخصوصاً تلك المعلومات التي كانت تصل إليها قبل الحرب بأيام، لم تهمل تلك النظرة المسبقة، ولم تقدم إنذار عن الحرب"، ويجيب برون بالاعتراف بأن اسرائيل كنت مستهترة بالعدو آنذاك و "كانت هناك تَحيُزات، وتصورات كلاسيكية مشوهة، وكان هناك، استهتار بالعدو خصوصاً بالسادات الذي نُظر اليه كشخصٍ ضعيفٍ، لقد ساد هناك رضىً عن الذات، وكان ذلك جزء من النشوة العامة السائدة في اسرائيل".

ويؤكد اللواء ايتاي برون، رئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية أن جيش الاحتلال يبذل جهوداً جبارة بغية ضمان أن لا يتكرر فشل الاستخبارات الاسرائيلية عشية حرب 1973، ويضيف:" بإمكاني القول، إننا نبذل جهوداً كثيرة من أجل تقليص احتمال أن يحدث ذلك مجدداً".

وتابع قائلاً:" نحن نعلم رجالنا أمراً تقريباً غير ممكن، نعلمهم أن يعرفوا الكثير، وهم يعرفون الكثير، وهذا ما يذهلني، ثم نعلمهم أن يشكوا في كل ما يعرفون، فالثقة لا تتناقض مع الشك، هدف الشك هو منع الثقة المبالغ فيها، وتشجيع ايجاد تفسيرات إضافية، الشك والثقة بالنفس يجب أن تكون امور مترابطة".

ويكشف برون أن الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية تلجاً اليوم إلى أدوات جديدة في إطار محاولة التغلب على عقبة محدودية الخيال، وتخطي طرق التفكير التقليدية مثل" استخدام ألعاب محاكاة الحرب التي تُمكنا من فهم أمور ليس بالإمكان فهمها، عبر نقاشات عادية، طواقم تفكير، لإثراء تقديراتنا، والأكثر أهمية، قيامنا بعرض أمام متخذي القرارات، سيناريوهات محتملة، ونقدم سيناريوهات تصعيد تمكن متخذي القرار، من الاستعداد لما قد يحدث."

حرره: 
م.م