علي جابر: لست مضطراً لإرضاء الجمهور!

يوليوس هاشم
بيروت: إنه القاسي! إنه اللئيم! إنه Mr No... إنه عضو لجنة التحكيم في «Arabs got talent» علي جابر. كثرٌ يذكرونه، لكن قلة يسمونه باسمه، فيطلقون عليه ألقاباً تعبر عن موقفهم الرافض لمواقفه الرافضة! إلى أي درجة يزعجه ذلك؟ «لا أنزعج أبداً فأنا أعرف أنني لست قاسياً ولست لئيماً» يقول لـ «الحياة»، قبل أن يضيف بلهجته اللبنانية ضاحكاً: «أنا خفيف الظل وما في ألذ مني بالعالم»! ويؤكد جابر أنه يتفهم نظرة الناس إليه لأن كل شخص يحلل الأمور والمواقف بحسب الزاوية التي ينظر منها.
علي جابر يعتبر أنه ليس ظالماً بل قاسياً، لكن ألا يرى أن قساوته قد تكون ظالمة وقد تحطم مشتركاً ليس جاهزاً للاستماع إلى رأيٍ بهذا الوضوح؟ ألا يمكنه أن يقول «لا» ولكن بطريقة أكثر سلاسة تساعد المشترك على استيعاب الخسارة؟ يوضح أنه لا يستطيع أن يلبس أقنعة وألا يكون على طبيعته لأن ذلك سيؤدي به إلى الفشل. «أنا لست وزير خارجية ولست سفير نوايا حسنة ولست مضطراً إلى أن أدلل المشترك كي لا يتأثر، فلا أحد في المجتمع يهتم بمشاعر الآخرين وبالتالي الجميع معتادون على الكلام القاسي»، يقول. لكن، إن كان لا أحد يهتم بمشاعر الآخرين، هل هذا مبرر كي لا يفعل ذلك هو أيضاً؟ «لا ليس مبرراً، ولكن من الصعب جداً مقاومة الرغبة، بل التجربة في أن تقول ما تفكر به من دون مواربة، حتى لو أدى ذلك إلى تبعات سيئة».
ورداً على سؤال هل يشاهد نفسه عند عرض الحلقة يفصح جابر أن زوجته تجبره على ذلك، فيتابع نفسه بتركيز تامٍ كي يرى إن كان يرتكب أخطاء يجب توضيحها وتصحيحها في الحلقة اللاحقة. يضحك طويلاً بعد طلبنا: «وجّه نقداً قاسياً ومن دون رحمة إلى علي جابر الذي تشاهده على الشاشة، ولا تهتم إن كان ذلك سيزعجه أو سيحطمه»، ثم يلبي الطلب قائلاً بلهجة تشبه تلك التي يستعملها مع المشتركين: «علي، عليك أن تهدأ قليلاً وأن تخفف حركتك المَرَضية على الشاشة، وعليك خصوصاً أن تتعلم لغة عربية سليمة أكثر كي تستطيع التعبير عن نفسك بشكلٍ أوضح، فإنسان مثلك لا يجوز ألا يتملك اللغة العربية». نذهب معه إلى أبعد فنسأله ما سيكون تصويته لعلي جابر كي يكون أحد أعضاء لجنة التحكيم، فيقول من دون تردد: «أصوت بِنعم»! ويتابع ممازحاً: «هل يُعقل أن أقول له «لا» ما دام بإمكاني أن أدعمه»؟
ما هو شعور جابر حين يصوت «لا» لمشترك في حين أن أعضاء اللجنة الثلاثة يصوتون «نعم»؟ هل يشعر بأنه أخطأ، أو يعتبر أنه على حق والجميع مخطئون؟ يقول بصراحة: «أعتبر أن الجميع مخطئون»! ويسارع إلى التوضيح أمام تفاجئنا: «بقية أعضاء لجنة التحكيم هم نجوم لهم جمهورٌ عريض، وهذا الجمهور يحب أن يراهم طيبي القلب أكثر من رؤيتهم عادلين في الحكم». نفاجأ أكثر فنسأل: «هل تقصد، بكلامك الخطير هذا، أن أحكام بقية أعضاء لجنة التحكيم خاضعة لما يطلبه المشاهدون وليست مبنية على آراء سليمة وعادلة»؟ يشدد جابر: «لا تحاول أن توقع بي، فما أريد التعبير عنه هو أنني الوحيد بين أعضاء اللجنة الذي لا أملك قاعدة جماهيرية قد تؤثر في قراري، في حين أن الباقين موقفهم أصعب مني، خصوصاً موقفهم الرافض لما قدمه مشتركٌ ما، لكن ذلك لا يعني أن أحكامهم ليست عادلة لأن موافقتهم على كل شيء تسبب لهم أيضاً مشكلة مع جمهورهم».
علي جابر هو عميد كلية الإعلام في الجامعة الأميركية في دبي وقد ألقى عشرات المحاضرات وعمل مستشاراً إعلامياً في أكثر من محطة، وهو أسس وأدار أكثر من قناة تلفزيونية، لكن الجمهور العريض لم يسمع باسمه إلا حين ظهر على الشاشة، ألا يزعجه أن تكون الشاشة «أقوى» من العلم والثقافة والمعرفة؟ «لا يزعجني الأمر لأنني أدركه، حتى إنني أعلمه لطلابي وأخبرهم عن السلطة التي تملكها الشاشة وكل مَن يطل عليها»، يجيب. ويوضح جابر أن له خبرة طويلة في كل ما وراء الشاشة، والآن يعيش خبرة الظهور على الشاشة، «وهذا عالم آخر تماماً»، ويعتبر أنه محظوظ لأن قلة اختبرت عمق تفاصيل العمل التلفزيوني من الجهتين؛ في الكواليس وتحت الأضواء.
حالياً يعمل جابر على دكتوراه في الفلسفة يعالج فيها «إشكالية الإعلام الفضائي العربي من عام 1990 حتى 2010»، فهل بإمكانه تلخيص تلك الإشكالية في جملةٍ واحدة؟ يقول إن الإشكالية الكبرى تكمن في كيفية صناعة إعلام ناجح في مجتمعات تقودها أنظمة موجهة.