في غزة.. غلاء الأسعار أزمة معابر أم تجار ومتاجر؟

غزة/ سناء كمال – خاص زمن برس

"بالعافية لما أقدر أجيب لولادي رغيف الخبر بالله بكفي تزنق علي وتقلي اشتري فاكهة"، بعصبية بالغة رد أحد المواطنين على بائع الفواكه الذي ينادي "عليها" في سوق الشيخ رضوان بمدينة غزة، ويطلب من المواطنين الإقبال عليه من أجل شرائها والتربح منها، غير أن الغلاء الواضح في أسعار الخضراوات والدجاج وكافة المستلزمات الأساسية للمنزل تحول دون تمكن تجار الفواكه من بيع ما لديهم من بضاعة.

ويكون يوم الجمعة الذي يكثر فيه رواد سوق الخضراوات، ولكن بالكاد يبتاعون المواد الأساسية من الخضروات مثل الطماطم والبطاطا والباذنجان والخيار والفلفل الأخضر،وبكميات قليلة"، كما قال البائع محمد أبو صبحة، لزمن برس.

المواطن سائد العمصي (35 عاما) يشتكي الغلاء الواضح في أسعار الخضراوات والفواكه، مشيراً إلى أنه لا يستطيع أن يشتري كل ما يريد، وحتى ما يتمكن من شرائها تكون بكميات قليلة ربما لا تكفي لأكثر من يومين .

ويتساءل العمصي عن سبب الغلاء الملحوظ فقط منذ أيام، وما حاجة التجار إلى رفع الأسعار بهذه الطريقة الغريبة على الرغم من معرفتهم بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون منذ سنوات، فكيف يفضلون مصالحهم الخاصة على العامة، منوها إلى أن ذلك يثقل كاهلهم كثيرا.

أبو صبحة رد على العمصي بأن قلة وجود السولار بعد إغلاق الأنفاق هي ما دفعت إلى الغلاء الكبير في القطاع، خاصة وأنه يتم الاعتماد عليه بشكل كبير في نقل الخضراوات من المزارع إلى السوق وبالتالي تحتسب  على أسعار الخضراوات التي بالكاد يحصلون عليها حسب تعبيره.

ويعيش قطاع غزة وضعاً اقتصادياً صعبا للغاية، ما يلقي بظلاله المأساوية على المواطنين فيه، والتي طالت كافة مناحي الحياة الاجتماعية، فلا يكف المواطنون عن الشكوى من سوئها، متخوفين من استمرارها وتزايدها في الأيام المقبلة.

تامر حسنية صاحب "متجر"  في غزة، يبرر ارتفاع أسعار بعض المواد التموينية لديه خاصة الأجبان التي ارتفعت بنحو شيكل على الأقل قابلة للزيادة وفق ما ستؤول إليه الأوضاع، إلى إغلاق الأنفاق التي مهدت للتجار احتكار البضائع ورفع الأسعار ارتجاليا.

وقال لزمن برس:" خف الطلب على كثير من الأصناف في مقدمتها الأجبان، لأن الزبائن يفضلون ابتياع الضروريات على الكماليات، وهو ما جعل الطلب عليها شبه معدومة في الوقت الحالي".

وأرجع الغلاء الذي فرضه التجار على بعض البضائع إلى خوفهم من المخاطر التي يواجهونها في شحنهم لبضاعتهم عن طريق الأنفاق التي ربما تفسد أو تفقد أو حتى يتم سرقتها منهم وبالتالي خسرانهم لنقودهم، وعدم توفر ضمان لاسترجاعها.

وحول نسبة الفرق في السعر بين بضاعة الأنفاق والمعبر الرئيسي الذي تتحكم به إسرائيل (معبر كرم أبو سالم) فهي تقدر ب20%، منوها إلى أن ذلك لا يحدث فرقا مع التاجر بقدر ما تحدثه مع الزبون الذي يفضل البضائع ذات الثمن الرخيص عن الباهظة وإن كانت بجودة أكبر.

وقال:" بالنسبة للتجار ربما الأنفاق أسهل لهم ولكن فيها نسبة من المخاطرة، لكنها تخلو من الضرائب والفواتير الرسمية التي تطلبها السلطات الإسرائيلية من التجار كي يتمكنوا من إدخال البضائع إلى القطاع".

وأضاف حسنية بأن الوضع يسير من سيئ إلى أسوء بسبب إغلاقات المعابر واحتمالية انقطاع الرواتب وكذلك غلاء المعيشة"، شاكيا من اضطرار الناس إلى الشراء بالدين من المحلات التجارية وتراكمه عليهم في ظل التضييق الاقتصادي ، وهو ما يضطر ببعض أصحاب المحلات إلى يمتنعوا عن القبول بذلك رغم حاجة الزبائن، حتى لا تتراكم عليهم الديون بشكل كبير على حد قوله.

ومن أهم المواد التموينية التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في أسعارها، الزيت والسكر والأرز والأجبان المستوردة عن طريق الأنفاق.

ولا يختلف كثيرا الحال في المحلات الخاصة ببيع الملابس، حيث الاقبال عليها يكاد يكون معدوماً هذه الأيام التي تعتبر فترة انتقالية من مرحلة إلى أخرى من مرحلة الصيف إلى الخريف حسب تصريحات صاحب أحد محلات الملابس "ميلاد باسل".

ويقول ميلاد:" غلاء الأسعار الحاصل في السوق يتبع لسوق العرض والطلب وهو كلما زاد العرض قل الطلب وبالتالي الخسارة تكون أكبر، وكلما كان العرض أقل زاد الطلب، وهو ما يؤمن الربح في البضائع".

وأشار إلى أن إغلاق الأنفاق يزيد من الطلب ويقلل من العرض خاصة وأن المعبر الوحيد الذي يتمكنون من خلاله إدخال البضائع هو معبر كرم أبو سالم، وبالتالي يكون التجار معروفون ومحدودون بدلاً من وجود الآلاف من التجار الذين ينافسوننا في السوق.

ويشتكي ميلاد سوء البيع في هذه الأيام قائلاً إنه كان في السابق "يكسي" العروس كاملاً، أما اليوم فلا يستطيع أن يبيع لأي عروس أكثر من ثلث ما تحتاجه تبعاً لوجود أصناف كثيرة وربما تكون أرخص ولكنها أقل جودة من مثيلاتها في السوق.

"أم محمد" إحدى زبائن "البوتيك" تقول لزمن برس:" على عنينا لما نشتري الملابس لأنها لا تقارن بما كانت بالسابق، لا تمتلك ذات الجودة ولا الصلاحية، ولكن ما باليد حيلة مضطرين، نجهز العروس"، مشيرةً إلى أنواع كثيرة من الملابس في السوق وتتراوح أسعارها بين الرخيص والثمين ولكن ذلك يعود إلى المصدر المصنع لها، وكذلك السيولة المتوفرة لدى الزبائن.

أما ابنتها فهي تبحث عن "موديلات" تراها بالتلفاز لتصاحب الموضة، ولكنها في حال وجدت ما تريده فيكون بسع مرتفع جداً ولا تتمكن من شراء أكثر من قطعة واحدة فقط على حد قولها. 

حرره: 
م.م