قولبة حركة حماس ؟!

7afeth_barghouty

لا يصدق أحد الرواية الاسرائيلية عن أن اغتيال قائد لجان المقاومة الشعبية الشهيد القيسي جاء لاحباط عملية يخطط لها من سيناء. ففي العلم العسكري فإن الاغتيال بحد ذاته يعتبر محفزاً اضافياً لتوجيه مثل هذه العملية وليس وقفها. فالمتابع للمشهد السياسي الدولي يستطيع أن يلحظ ان اسرائيل معنية بسيطرة حماس على قطاع غزة ومنع استخدام سيناء كمساحة قتالية بديلة.. وهي اعدت خططاً لاعادة احتلال الخط الحدودي في رفح وقت الضرورة. لكنها تعمل بواسطة الاميركيين وعبر الاخوان المسلمون في مصر على تأهيل حماس لكي تكون قوة مهيمنة بالكامل على غزة مع احترامها للتهدئة المطلقة، مع تنامي قوة حركة الجهاد والتنظيمات العسكرية الصغيرة والمؤثرة مثل لجان المقاومة الشعبية صاحبة عملية أسر الجندي جلعاد شاليط والتي دفعت حتى الآن ثلاثة من قادتها لقاء ذلك. وليس صدفة أن يوجه الاميركيون الشكر المزدوج لاسحق مولخو مبعوث نتنياهو الى مصر والى الاخوان المسلمين في مصر على جهودهم للسماح للاميركيين بالسفر وهم المتهمون بتمويل انشطة سياسية في مصر. وهذا يعني ان هناك خطاً بين بعض قادة اخوان مصر واسرائيل، وكلنا نعلم أن اخوان مصر لعبوا دوراً اساسياً في صفقة شاليط بشروط أقل من التي عرضتها اسرائيل على الزهار عام 2009.

اسرائيل عملياً معنية بأن تقوم حماس بإثبات قدرتها في منع أي عمل مقاوم انطلاقاً من غزة.. وقد قدمت حماس برهاناً على ذلك بنشر قواتها على الحدود في مواجهة قوات الاحتلال وجها لوجه دون أي احتكاك، اي ثمة تنسيق أمني ضمني بالتيمم. لكن هذا لا يقنع اسرائيل طالما أن هناك فصائل مقاومة تختزن السلاح والرجال والصواريخ وتفتح خطوطاً مباشرة مع طهران وباتت تهدد سلطة حماس التي أدارت ظهر المجن لطهران واستبدلتها بقادة ميدانيين من فصائل اخرى.. وقدمت حماس برهانا آخر على حسن نواياها تجاه التهدئة بأن اعلنت أنها لن تفتح جبهة ضد اسرائيل في حالة شن الأخيرة هجوماً على ايران.

عملياً تحاول اسرائيل قولبة سلطة حماس حسب مقاساتها وتدفعها دفعاً باتجاه مصر لتصدير غزة الى مصر بكهربائها ومائها ومعابرها بحيث تتحول مصر بذراعها الاخواني مرجعية مادية وسياسية لحماس.. وهذا يجسد مقولة رئيس المخابرات السابق مائير داغان ان هناك ثلاثة كيانات في فلسطين.. السلطة الفلسطينية واسرائيل وسلطة حماس. وهذا من شأنه تجذير الانقسام ومنع المصالحة الفلسطينية بأي ثمن. وهذا كله يقودنا الى عدم تصديق رواية اسرائيل من أن اغتيال الشيخ القيسي كان لاحباط عملية بل كان مقدمة لعملية سياسية - عسكرية اسرائيلية لترويض حماس بالكامل.